الحمد لله.
أولا:
من اشترى سلعة، ثم بان له أن الثمن أعلى من ثمن السوق ب12% فقد غبن في شرائه، وهل يكون له خيار الغبن أم لا؟
1-قسم الفقهاء الغبن إلى فاحش ويسير، فاليسير لا يترتب عليه شيء، والفاحش يثبت به الخيار في بعض الصور.
واختلفوا في حد الفاحش فقيده بعضهم بالثلث، وبعضهم بالخمس، وأرجعه البعض إلى عرف التجار.
وفسره الحنفية بما لا يدخل تحت تقويم المقومين. بمعنى أن الخبراء بالسعر : لا يقدره أحد منهم بهذا الثمن .
قال ابن عابدين في حاشيته (5/ 143): " (قوله: هو ما لا يدخل تحت تقويم المقومين) هو الصحيح كما في البحر، وذلك كما لو وقع البيع بعشرة مثلا، ثم إن بعض المقوّمين يقول إنه يساوي خمسة، وبعضهم ستة وبعضهم سبعة فهذا غبن فاحش؛ لأنه لم يدخل تحت تقويم أحد ، بخلاف ما إذا قال بعضهم: ثمانية وبعضهم تسعة وبعضهم: عشرة فهذا غبن يسير" انتهى.
وفي الموسوعة الفقهية (20/ 150): " والمراد بالغبن الفاحش عند الحنفية والمالكية في الراجح والحنابلة في قولٍ: أن العبرة في تقدير الغبن على عادة التجار. وإن اختلفت عباراتهم فإنها كلها تؤدي إلى هذا المعنى.
وإنما كانت العبرة بتقويم المقوِّمين، لأنهم هم الذين يرجع إليهم في العيوب ونحوها من الأمور التي تقتضي الخبرة في المعاملات.
والقول الثاني لكل من المالكية والحنابلة: أن المعتبر في الغبن الثلث .
والقول الثالث للمالكية: ما زاد على الثلث" انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا اشترى سلعة بـ (2500) ريال، وهي لا تساوي إلا (1500) ريال، فإن كان البائع يعلم أن السعر (1500) ريال، ولكنه وجد هذا الرجل الغريب الذي لا يعرف الأسعار وباعها عليه بـ (2500)، فإنه آثم ولا يحل له ذلك، وإذا علم المشتري بهذا فله الخيار، وهذا يسمى خيار الغبن؛ لأن (1000) من (2500) كثير .
وأما لو كان الغبن يسيراً كـ (10%)، فهذا لا يضر، ولا يزال الناس يتغابنون بمثله.
أما إذا كان البائع لا يعلم، مثل: أن تكون هذه السلعة بـ (2500)، ونزل السعر والبائع لا يدري بنزوله، فالبائع غير آثم، لكن حق المشتري باقٍ، وله الخيار؛ لأنه مغبون" انتهى من لقاء الباب المفتوح (56/ 14).
والذي يظهر أن 12% لا تعد غبنا فاحشا، لا سيما في الأراضي التي يتفاوت سعرها بنحو هذه النسبة ، فلا يثبت بذلك الخيار.
2-الجمهور على أنه لا يثبت خيار الغبن إلا إذا كان معه تغرير من البائع للمشتري، بأن يصف له السلعة بغير صفتها الحقيقية، أو يزعم أنه أعطي فيها كذا، وهو كاذب.
وذهب المالكية في قول، والحنابلة إلى ثبوت الخيار للمسترسِل، وهو من لا يعرف قيمة الأشياء، ولا يحسن المماكسة.
قال ابن قدامة رحمه الله: " الثالث: المسترسل: إذا غُبِن غبنا يخرج عن العادة، فله الخيار بين الفسخ والإمضاء. وبهذا قال مالك...
والمسترسل هو الجاهل بقيمة السلعة، ولا يحسن المبايعة.
قال أحمد: المسترسل: الذي لا يحسن أن يماكس. وفي لفظ: الذي لا يماكس. فكأنه استرسل إلى البائع، فأخذ ما أعطاه من غير مماكسة، ولا معرفة بغبنه.
فأما العالم بذلك، والذي لو توقف لعرف، إذا استعجل في الحال، فغبن: فلا خيار لهما" انتهى من المغني (3/ 497).
وخيار الغبن يكون: برد السلعة ، وأخذ الثمن، كما سبق، لا بإبقائها وأخذ الأرش (الفرق).
وينظر: جواب السؤال رقم (133078) .
والذي يظهر: أنه لا خيار لك ، لأن الغبن غير فاحش.
وعليه: فقد أخطأت بخصم هذه النسبة ، وإخفائها عن زوج أخت السمسار .
وعليك أن ترد المال إليه ، ولو بطريقة غير مباشرة، مع التوبة ، فيمكنك إخباره بأنك بعد مراجعة الحسابات وجدت أن له مبلغا من المال .. ونحو ذلك .
والله أعلم.
تعليق