الثلاثاء 23 جمادى الآخرة 1446 - 24 ديسمبر 2024
العربية

قبول وصية الأم الكافرة وعدم تشييع جنازها أو حضور حرق جثتها

265450

تاريخ النشر : 08-03-2017

المشاهدات : 8203

السؤال

أنا مسلمة أعيش في أستراليا مع والدتي الغير مسلمة. والدي متوفى. لدي أختان ( واحدة مسلمة والأخرى غير مسلمة ). أمي لديها سرطان في المرحة الأخيرة وقد كتبت وصية. أوصت ب 5000$ لأختي الغير مسلمة والباقي من عقاراتها يقسم 50/50 بيني وبين أختي المسلمة. هذا المبلغ يزيد عن الثلث. هل يجوز لي آخذ هذا المال ؟ إن كان لي فقط أخذ الثلث فهل يجوز لي التخلص من الزيادة و أخذ الثلث فقط؟ قامت أمي أيضاً بالدفع والتنسيق المسبق لحرق جثتها بعد موتها. أعلم أن حرق الجثة في الإسلام لا يجوز. كيف لي أن أمنع أمي من حرق جثتها ؟ هل لي أن أرفض حضور مراسم الجنازة قبل أن تؤخذ الجثة للحرق؟ أنا الآن الشخص الوحيد الذي يعتني بوالدتي بأيامها القصيرة الباقية من حياتها. والدتي تريد الموت في بيتي. هل علي تركها تمضي باقي أيامها في بيتي أم علي وضعها في دار رعاية المسنين لإعطائها المسكنات إذ أنني قلقة بشأن شهود ابنتي للموت. إحدى ابنتي عمرها 6 سنوات والأخرى سنة ونصف. أنا أيضاً أريد أن أتأكد من قيامي بواجباتي تجاه العناية بوالدتي بغض النظر عن كونها غير مسلمة أملاً أن تنطق بالشهادة. جزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا أوصت والدتك أن يكون لك 50% من عقاراتها، وكان هذا أزيد من ثلث تركتها، فإن الوصية تصح في الثلث، ويبقى ما زاد على الثلث موقوفا على إجازة بقية الورثة، فإن رضيت أختك بذلك فلا حرج عليك في أخذ الوصية كاملة.

ولما كان المسلم لا يرث الكافر، فإن هذه الوصية لك جائزة لا إشكال فيها؛ لأنك لست وارثة.

والأصل في ذلك: ما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) صححه الألباني في صحيح أبي داود.

ورواه الدارقطني من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ: (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.

قال ابن قدامة رحمه الله : " وتصح وصية المسلم للذمي ، والذمي للمسلم ، والذمي للذمي . روي إجازة وصية المسلم للذمي عن شريح ، والشعبي ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي . ولا نعلم عن غيرهم خلافهم .

وقال محمد بن الحنفية ، وعطاء ، وقتادة ، في قوله تعالى : (إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا) : هو وصية المسلم لليهودي والنصراني .

وقال سعيد : حدثنا سفيان ، عن أيوب ، عن عكرمة ، أن صفية بنت حيي باعت حجرتها من معاوية بمائة ألف ، وكان لها أخ يهودي ، فعرضت عليه أن يسلم فيرث ، فأبى ، فأوصت له بثلث المائة . ولأنه تصح له الهبة ، فصحت الوصية له ، كالمسلم .

وإذا صحت وصية المسلم للذمي ، فوصية الذمي للمسلم والذمي للذمي أولى .

ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم .

ولو أوصى لوارثه ، أو لأجنبي ، بأكثر من ثلثه ، وُقف على إجازة الورثة ، كالمسلم سواء " انتهى من "المغني" (6/ 121).

ثانيا:

نشكر لك اهتمامك وعنايتك بوالدتك، وأنت مأمورة بالبر والإحسان إليها، ولو لم تسلم؛ لقوله تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) لقمان/14- 15

ونرجو أن تنالي بذلك الأجر والثواب، وألا يترتب على موتها في بيتك أذى لابنتك، ولعل الله أن يقر عينك بإسلامها قبل موتها.

فاجتهدي في برها والعناية بها مع دعوتها الإسلام، وأبقها في بيتك حتى يوافيها أجلها.

ثالثا:

لا يجوز حرق الموتى، وهو من شعائر بعض الملل الكافرة، وفيه امتهان للميت، مع الاعتقاد الفاسد.

فانصحي والدتك ألا تفعل ذلك، فإن لم تستجب فلا شيء عليك.

ولا يجوز أن تحضري جنازتها، فضلا عن حرق جثتها؛ فإن المسلم ممنوع من تشييع الكافر، ومن حضور المنكر.

قال في "كشاف القناع" (2/ 123) : " فصل ( ويحرم أن يغسل مسلم كافرا ، ولو قريبا ، أو يكفنه ، أو يصلي عليه ، أو يتبع جنازته ، أو يدفنه ) ؛ لقوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ) وغَسلُهم ونحوه : تولٍّ لهم ، ولأنه تعظيم لهم ، وتطهير ؛ فأشبه الصلاة عليه ... ( إلا أن لا يجد من يواريه غيره ، فيوارَى عند العدم ) ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لما أُخبر بموت أبي طالب قال لعلي : ( اذهب فواره ) رواه أبو داود  والنسائي ، وكذلك قتلى بدر ألقوا في القليب ... " انتهى .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " هل يجوز للمسلم أن يشيع جنازة غير المسلم، أرجو بهذا إفادة؟

فأجاب رحمه الله تعالى : لا يجوز للمسلم أن يشيع جنازة غير المسلم لأن اتباع الجنائز من حقوق المسلم على المسلم ، وليس من حقوق الكافر على المسلم ، وكما أن الكافر لا يبدأ بالسلام ، ولا يفسح له الطريق ، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام وإذا لقيتموهم في طريقٍ فاضطروهم إلى أضيقه ) فإنه لا يجوز إكرامه باتباع جنازته ، أياً كان هذا الكافر ، حتى ولو كان أقرب الناس إليك " .

انتهى مختصرا من "فتاوى نور على الدرب".

وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم (145532).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب