الحمد لله.
حث الشرعُ المسلمَ إذا ذُكِر عنده النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليه: كما ورد عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: البَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ رواه الترمذي (3546) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ".
لكن المصلي في حال صلاته غير مخاطب بهذا؛ لأن الشرع جعل دخوله في الصلاة يشغله عن كل ما يحدث حوله.
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: " كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلاَةِ ، فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، وَقَالَ: إِنَّ فِي الصَّلاَةِ شُغْلًا " رواه البخاري (1199) ، ومسلم (538).
قال النووي رحمه الله تعالى:
" قوله صلى الله عليه وسلم: ( إن في الصلاة شغلا ) معناه؛ أن المصلي وظيفته أن يشتغل بصلاته ، فيتدبّر ما يقوله ، ولا يعرج على غيرها ، فلا يرد سلاما ولا غيره " انتهى من "شرح صحيح مسلم" (5 / 27).
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" عندما أكون أقرأ القرآن الكريم ، فأسمع الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم : هل أقطع قراءتي ، وأصلى على الرسول ، أو أرد السلام ، أو أشمت العاطس أو غير ذلك؟
فأجاب رحمه الله تعالى:
" أما إذا كانت تقرأ في الصلاة : فإنها لا تقطع القراءة لأي أحد ، لا من أجل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا من أجل تشميت العاطس .
وأما إذا كانت في غير الصلاة : فإنها إذا كانت تستمع إلى أحد يذكر النبي صلى الله عليه وسلم، فلتصل عليه ، وإذا كانت سامعة غير مستمعة ، فلا .
وكذلك يقال في تشميت العاطس : إذا سمعت عاطس حمد الله ، فلتشمته ، لأن تشميت العاطس فرض ، إما فرض كفاية وإما فرض عين ، على خلاف بين العلماء في ذلك .
ثم إنه ينبغي لقارئ القرآن أن يركز على قراءته ، بأن يستحضر بقلبه ما بقوله بلسانه ، لأن ذلك أقرب إلى الانتفاع بالقرآن ، وأن لا يصغي أو ينتبه لأحد حوله .
ومعلوم أن الإنسان إذا لم يصغ أو ينتبه إلى أحد حوله ، وكان الذي حوله يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لن يدري ما يقول ، لأنه متغافل عنه . فلتركز على قراءتك من أجل أن تتدبرها حتى يفتح الله عليك. " انتهى ، من "فتاوى نور على الدرب" .
وبناء على هذا فإنه لا يشرع للمصلي أن يتفاعل مع ما يصدر من جهاز الجوال من أذكار أو تذكير بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ؛ بل الأحسن له ترك ذلك ، خروجا من خلاف من أبطل الصلاة به من أهل العلم .
وإن كان القول الراجح : أن الصلاة لا تبطل بمثل ذلك ، وهو قول أكثر أهل العلم .
وينظر للفائدة : "فتح الباري" لابن رجب الحنبلي ، رحمه الله (5/259) وما بعدها ، شرح الحديث رقم (613) ، وأيضا (9/298) وما بعدها ، شرح الحديث رقم (1201) .
والله أعلم.
تعليق