الحمد لله.
أولا :
أصل سؤال الناس مكروه ، ولا ينبغي للإنسان أن يسأل الناس شيئا إلا إذا كان محتاجا ، هذا إذا كان سؤالا مجردا ، وأما إذا كان يسألهم بالله ، فإنه يزيد في الإشقاق على الناس وإحراجهم .
قال في "إعانة الطالبين" (4/359) :
" يكره السؤال بالله أو بوجهه؛ لحديث: (لا يسئل بوجه الله إلا الجنة) " انتهى .
قال الشيخ ابن باز :,
" وقد جاءت أحاديث تدل على كراهة السؤال بالله لما فيه من التشديد على الناس ولكن من سأل حقاً له كالزكاة وحقه في بيت المال أو كان مضطراً وجب أن يعطى ، وأما إذا كان غير ذلك فالأفضل أن يعطى ولا ينبغي له أن يسأل بالله عملاً بالأحاديث الدالة على كراهة ذلك " انتهى من "التعليقات البازية على كتاب التوحيد" (ص:77) .
وقال الشيخ ابن عثيمين :
" السؤال من حيث هو مكروه ولا ينبغي للإنسان أن يسأل أحدا شيئا إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك ، ولهذا كان مما بايع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن لا يسألوا الناس شيئا ، حتى إن عصا أحدهم ليسقط منه وهو على راحلته ، فلا يقول لأحد : ناولنيه" انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (10/933) .
ثانيا :
هذه العبارة "بالله عليك" تطلق ويراد بها اليمين ، بمعنى أقسم بالله عليك لتفعلن كذا وكذا .
وتطلق ويراد بها تعظيم المسألة والإلحاح في الطلب ، فيقولها بمعنى : أسألك بالله أن تفعل كذا وكذا .
والحكم فيها يختلف بحسب مراد السائل :
فالحال الأولى :
إذا كان قصده بهذه العبارة القسم ، بمعنى : أقسم بالله عليك ، فهي يمين أقسم بها على غيره ، فإما أن يبره المحلوف عليه ، بأن يفعل المطلوب منه ، وإلا فقد وجبت فيها الكفارة على الحالف ، والمستحب أن يبر بقسم صاحبه ولا يجب .
قال النووي رحمه الله تعالى :
"وأما إبرار القسم فهو سنة أيضا مستحبة متأكدة وإنما يندب إليه إذا لم يكن فيه مفسدة أو خوف ضرر أو نحو ذلك ... " انتهى من " شرح صحيح مسلم " ( 14 / 32 ) .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" فإن قال والله ليفعلن فلان كذا أو لا يفعل أو حلف على حاضر فقال والله لتفعلن كذا فأحنثه ولم يفعل فالكفارة على الحالف كذلك قال ابن عمر وأهل المدينة و عطاء و قتادة و الأوزاعي وأهل العراق والشافعي لأن الحالف هو الحانث فكانت الكفارة عليه كما لو كان هو الفاعل لما يحنثه ولأن سبب الكفارة إما اليمين وإما الحنث أو هما وأي ذلك قدر فهو موجود في الحالف " انتهى من " المغني " (11/248) .
والحال الثانية :
إذا كان قصده : السؤال بالله دون قسم ، بمعنى أن يقول له " سألتك بالله أن تفعل كذا " فهذا سؤال وليس بقسم ، ولا كفارة فيه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وَمَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَسْأَلُك بِكَذَا، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مُقْسِمًا فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْكَفَّارَةُ فِي هَذَا عَلَى الْمُقْسِمِ لَا عَلَى الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ أَئِمَّةُ الْفُقَهَاءِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقْسِمًا فَهُوَ مِنْ بَابِ السُّؤَالِ فَهَذَا لَا كَفَّارَةَ فِيهِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا" انتهى من "مجموع الفتاوى" (1/345) .
ولكن يستحب لمن سئل بالله أن يجيب السائل ، تعظيماً لله تعالى ، ما لم يكن السائل قد سأل ما لا حق له فيه ، أو ما يوقع المسئول في حرج أو مشقة .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (153727) في حكم إجابة من سأل بالله .
والله أعلم .
تعليق