الحمد لله.
الغش في الامتحانات محرم ، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ) رواه مسلم (101).
فلا يجوز ممارسته ، ولا الإعانة عليه ، ولا إقراره ؛ لأنه منكر ، وقد قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2
وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49).
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن الغش في الاختبارات الدراسية إذا كان المدرس على علم بذلك؟
فأجاب :"الغش محرم في الاختبارات ، كما أنه محرم في المعاملات ، فليس لأحد أن يغش في الاختبارات في أي مادة ، وإذا رضي الأستاذ بذلك فهو شريكه في الإثم والخيانة " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (6/ 397)
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :"الغش في الامتحانات محرم ، بل من كبائر الذنوب ، لا سيما وأن هذا الغش يترتب عليه أشياء في المستقبل : يترتب عليه الراتب ، والمَرْتبة ، وغير ذلك مما هو مقرونٌ بالنجاح "انتهى باختصار من "فتاوى نور على الدرب" (24/ 2)
ولا يجوز طاعة الكفيل في هذا الأمر المحرم؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ) رواه البخاري (7257) ومسلم (1840)، وقوله : ( لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه أحمد (1098).
والواجب نصح هذا المسؤول عن المدارس، وتذكيره بحرمة الغش، وخطره على البلاد والعباد، فإن استجاب فالحمد لله .
وإن أصر لم يجز لك المشاركة في الغش بنفسك .
فإن أمكن عملك ، دون مباشرة للحرام بنفسك ، ولا مشاركة فيه ، وذلك بأن تعمل في أي موضع آخر أثناء الاختبار : وكنت تخشى ، إن غيرت ذلك بيدك ، وأصررت على منعه : أن يصيبك ضرر ، كفصلك من العمل ، مع حاجتك إليه = فإنه يكفيك التغيير باللسان فقط ، ولا يلزمك أكثر من هذا .
وذلك ، للحديث السابق الذي قدمناه في أول الجواب ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قيد الأمر بتغيير المنكر بالاستطاعة .
ولما عليك من الضرر في ترك عملك بالكلية ، ولعموم البلوى بذلك ، خاصة في المدارس والجامعات الخاصة ، غير الحكومية .
وإذا لم يمكن العمل إلا بالمشاركة في الغش ، لم يجز لك البقاء في المدرسة ، بل تدع العمل ، وتبحث عن عمل آخر ، وستجد إن شاء الله ، فإن الله تعالى تكفل لمن اتقاه بالمخرج والرزق الحسن . قال تعالى : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) (الطلاق:2 ،3).
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا اتِّقَاءَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا أَعْطَاكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهُ ) رواه أحمد (20739) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.
والله أعلم.
تعليق