الحمد لله.
أولا:
السند النقدي المؤجل لا يجوز بيعه بالنقود مطلقا، سواء كان بنفس المبلغ أو أقل؛ لأن مبادلة النقود بالنقود: يشترط فيها الحلول والتقابض.
وإن كانت المبادلة بنفس العملة : اشترط التساوي ، والتماثل.
وعليه : فما تريد القيام به يتضمن نوعي الربا: النسيئة، والتفاضل.
والأصل في ذلك: ما روى مسلم (1588) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الدِّينَارُ بِالدِّينَارِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا، وَالدِّرْهَمُ بِالدِّرْهَمِ لَا فَضْلَ بَيْنَهُمَا).
وعن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ) رواه مسلم (1587).
والعملات والنقود لها ما للذهب والفضة من الأحكام.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة (13/ 335) :" شركة الجوف للتنمية الزراعية عليها ديون مستحقة لأصحابها، ولديها شهادات زراعية بمستحقاتها لدى الصوامع مؤجلة السداد إلى عامي 1418هـ 1419هـ، وفي حالة عدم تسديد مديونياتها سوف تقع الشركة في خسارة فادحة، ومعروض عليها من البنوك صرف الشهادات الآن بمقابل خصم جزء من قيمتها. نأمل إفادتنا بفتواكم الشرعية حول ذلك، وجزاكم الله خيرا.
الجواب :لا يجوز بيع ولا شراء سندات النقود الحالَّة والمؤجلة ، بأقل مما فيها ، أو أكثر مما فيها ؛ لأن ذلك يعتبر من صريح الربا .
وقد اجتمع في هذه المعاملة ربا الفضل وربا النسيئة ، وكلاهما محرم بالنص.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ عبد الله بن غديان ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ بكر أبو زيد" انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/333) .
ثانيا:
يجوز بيع هذا السند النقدي بسلعة حاضرة، غير الذهب والفضة، كأرض أو دار أو حديد ، أو غير ذلك مما لا يجتمع مع النقود في علة الربا .
والذي يجتمع مع النقود في علة الربا: النقود والذهب والفضة.
وهذا من بيع الدين لغير من هو عليه، وقد أجازه أحمد في رواية، واختاره ابن تيمية وابن القيم، وبه أخذ مجمع الفقه الإسلامي كما جاء في قراره رقم: 158 (7/ 17) بشأن بيع الدين، ونصه:
" من صور بيع الدين الجائزة:
بيع الدائن دينه لغير المدين في إحدى الصور التالية:...
(ب) بيع الدين بسلعة معينة.
(ج) بيع الدين بمنفعة عين معينة" انتهى.
والله أعلم.
تعليق