الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز أخذ فراخ الطير لتربيتها؟

269573

تاريخ النشر : 04-09-2024

المشاهدات : 1027

السؤال

يوجد في مزرعتنا أوكار عِش للطيور، فهل يجوز أخذ أفراخ الطيور، وتربيتها في بيتنا؟ وما صحة حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن طائر يسمى الحمرة، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من فجع هذه بولدها، ردوا ولدها إليها)؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الأصل جواز اصطياد فراخ الطير لمن ينتفع به أكلا ، أو تربية مع عدم التقصير في إطعامه وسقيه ؛ لعموم قوله تعالى:  هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا البقرة/29.

فهذه الطيور خلقت لمنفعتنا .

قال ابن قدامة :

“َسُئِلَ [يعني: الإمام أحمد] : هَلْ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ صَيْدُ الْفِرَاخِ الصِّغَارِ، مِثْلُ الورشان وَغَيْرِهِ؟ يَعْنِي مِنْ أَوْكَارِهَا. فَلَمْ يَكْرَهْهَا” انتهى من “المغني” (9/381).

وقال الصنعاني في “سبل السلام” (2/31) :

“فائدة: في التفريق بين البهيمة وولدها وجهان : لا يصح ، لنهيه صلى الله عليه وسلم عن تعذيب البهائم ، ويصح ، قياسا على الذبح ، وهو الأولى” انتهى .

وسئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء (22/511) : هل يجوز قتل الطيور التي أحل الله أكلها أثناء تعشيشها‏؟‏ وهل يجوز أخذ صغارها أمامها‏؟‏

فأجابوا ‏:‏ “لا يجوز قتل ما أحل الله إلا بالذبح، أو النحر، أو الصيد بالطريقة الشرعية؛ ليؤكل، أو يباع، أو يهدى لمن يأكله، أما قتله لمجرد اللعب واللهو فممنوع؛ لما فيه من ضياع المال، مع تعذيب الحيوان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وكذلك اتخاذ الحيوان من طير ونحوه من الحيوانات هدفا لتعلم الرماية عليه حرام؛ لما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتخذ الحيوان غرضا‏.‏

وأما أخذ الطيور الصغار المأكولة اللحم من أعشاشها؛ لتذبح وتؤكل بعد أن صلحت للانتفاع بأكلها فلا بأس به، وأما أخذها للعبث واللهو بها فغير جائز لما تقدم ذكره، وكذا لا يجوز قتل أمهاتها، أو أخذها حية وأولادها صغار تحتاج إلى رعاية أمهاتها‏.‏ وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‏” انتهى .‏

الشيخ ‏:‏ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الشيخ ‏:‏ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ ‏:‏ عبد الله بن غديان

وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله : هل ينبغي أن يترك اصطياد بعض الصيود أو بعض الطيور إذا كانت حوامل , أو لها فراخ؟

فأجاب : “ما سمعت فيه شيئاً ؛ لكن فيه شيء من الخير ؛ أم الفراخ ، فهو شيء مناسب.

أما كون ذلك (محرم)؛ فلا .

ينبغي إذا أراد أصابتها أن يعمد إلى إلافراخ فيأخذهن قبل، وينتفع بهن ، كأن يعطيها طيوراً أو كلابا مباحة للقنية” انتهى “فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم” (12/231) .

وسئل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :

هناك شباب يصطادون بعض الطيور وهذه الطيور لها فراخ فتموت جوعًا فنهيتهم عن ذلك؟

فأجاب : “ظاهر الحكم الشرعي أنه جائز ، ولكن الأفضل إذا كان في زمن إفراخها أن لا يقتلها، يعني أن لا يصيدها ، إلا إذا كان يعرف مكان أفراخها ثم صادها وذهب لأفراخها وأخذها ثم ذبحها وانتفع بها” انتهى “فتاوى نور على الدرب” (11/431) .

ثانيا :

الحديث المشار إليه في السؤال: أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ ، فَرَأَيْنَا حُمَّرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ ، فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا ، فَجَاءَتْ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تُفَرِّش ( أي : ترفرف بأجنحتها )، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا ؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا !!

رواه أبو داود (2675)، رواه أبو داود (2675)، وصححه الألباني في ” السلسلة الصحيحة ” (25) .

والحُمّرة – بتشديد الميم وتخفيفها – : طائر صغير كالعصفور .

قال الخطابي، رحمه الله: ” الحُمّرة: طائر.

قوله: (تُفَرِّش) أو (تُعَرِّش): معناه ترفرف. والتفريش مأخوذ من فرش الجناح وبسطه. والتعريش أن يرتفع فوقهما ويظلل عليهما، ومنه أخذ العريش، يقال: عرشت عريشا، أعرُشُه، وأُعَرِّشه”. انتهى، من “معالم السنن” (2/283).

قال المُظهري، رحمه الله: ” قوله: “فانطلق لحاجته”؛ أي: ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قضاء حاجته الإنسانية.

قوله: “فرأينا حُمَّرَة معها فرخان”، (الحُمَّرَة): ضرب من الطير كالعصفور، و (الفرخ): ولد الطير.

قوله: “فجعلت تُفَرِّش”، (جعلَتْ)؛ أي: طفقت، (تُفَرِّش) أصله: تتفرش، فحذفت إحدى التائين.

قال في “الصحاح”: تفرش الطائر: رفرف بجناحيه وبسطهما.

قال في “الغريبين”: معنى (تُفَرِّش)؛ أي: تَقْرب من الأرض، وتُرَفرف بجناحيها.

قيل في رواية: “تعرش” بالعين؛ أي: تجعل جناحيها عريشًا لها، وهو عبارة عن حفظ الحُمَّرَة فرخيها…

قوله: “مَنْ فَجَعَ هذه بولدها”، (التَّفْجِيْعُ): الإيجاع، يقال: (فَجَعَتْهُ) المصيبةُ، و (فَجَّعَتْهُ)؛ أي: أوجعته؛ يعني: مَنْ أذى هذا الطائر بأخذ ولدها.

قوله: “ردُّوا”: أمر استحباب، لا أمر إيجاب؛ لأن اصطياد فرخ الطائر جائز”. انتهى، من “المفاتيح في شرح المصابيح” (4/ 234).

والأمر برد الفراخ إلى هذا الطائر الذي فرش حول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: ليس للوجوب، بل هو للندب، كما سبق في كلام صاحب “المفاتيح” السابق.

وقال الملا علي قاري في شرح هذا الحديث :

” (فَقَالَ: مَنْ فَجَّعَ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ أَيْ فَزَّعَ (هَذِهِ) أَيِ الْحُمَّرَةَ (بِوَلَدِهَا) أَيْ بِسَبَبِ أَخْذِ أَوْلَادِهَا (رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا) الْأَمْرُ لِلنَّدْبِ ; لِأَنَّ اصْطِيَادَ فَرْخِ الطَّائِرِ جَائِزٌ ” انتهى من “مرقاة المفاتيح” (6/2314).

ويحتمل أن هذه القصة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما رفرفت فوقهم الحُمَّرة، رق لها، وأجاب شَكاتها، كما سمع شكوى الجمل، ونهى صاحبه عن الإشقاق عليه.

قال أبو محمد الفيومي، رحمه الله: ” والحكمة في الأمر برد الفرخ: أنه … لما استجارت به، أجارها. وكان الإرسال في هذه الحالة واجبا”. انتهى، من “فتح القريب المجيب على الترغيب والترهيب” (9/ 700).

ولأجل ذلك، ذكر غير واحد من العلماء هذا الحديث في “خصائص” النبي صلى الله عليه وسلم، و”دلائل نبوته”.

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب