الحمد لله.
أولاً :
يجب على الزوجين حفظ أسرار الزوجية وخاصة ما يتعلق بالجماع والفراش ، فهي أمينة على أسراره وهو أمين على أسرارها .
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الرجال فقال : هل منكم الرجل إذا أتى أهله فأغلق عليه بابه وألقى عليه ستره واستتر بستر الله ؟ قالوا : نعم ، قال : ثم يجلس بعد ذلك فيقول فعلتُ كذا ، فعلتُ كذا ؟ قال : فسكتوا ، قال : فأقبل على النساء ، فقال : هل منكن من تحدث ؟ فسكتنَ ، فجثت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليراها ويسمع كلامها فقالت : يا رسول الله إنهم ليتحدثون ، وإنهن ليتحدثنه ، فقال : هل تدرون ما مثل ذلك ؟ فقال : إنما مثل ذلك مثل شيطانة لقيتْ شيطاناً في السكة فقضى منها حاجته والناس ينظرون إليه .
رواه أبو داود ( 2174 ) . وصححه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 7037 ) .
ثانياً :
وأما زواج زوجك فإن كان ذلك لغرض " التغير " كما تقولين فهذا هو " الزواج بنية الطلاق " وهو غش للمرأة وأوليائها .
قال الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله - :
هذا وإن تشديد علماء السلف والخلف في منع " المتعة " يقتضي منع النكاح بنية الطلاق ، وإن كان الفقهاء يقولون إن عقد النكاح يكون صحيحاً إذا نوى الزوج التوقيت ولم يشترطه في صيغة العقد ، ولكن كتمانه إياه يعد خداعاً وغشّاً ، وهو أجدر بالبطلان من العقد الذي يشترط فيه التوقيت الذي يكون بالتراضي بين الزوج والمرأة ووليها ، ولا يكون فيه من المفسدة إلا العبث بهذه الرابطة العظيمة التي هي أعظم الروابط البشرية ، وإيثار التنقل في مراتع الشهوات بين الذواقين والذواقات ، وما يترتب على ذلك من المنكرات ، وما لا يشترط فيه ذلك يكون على اشتماله على ذلك غشّاً وخداعاً تترتب عليه مفاسدَ أخرى من العداوة والبغضاء وذهاب الثقة حتى بالصادقين الذين يريدون بالزواج حقيقته وهو إحصان كل من الزوجين للآخر وإخلاصه له ، وتعاونهما على تأسيس بيت صالح من بيوت الأمة.
نقلاً عن " فقه السنَّة " للسيد سابق ( 2 / 39 ) .
وللشيخ ابن عثيمين – رحمه الله – كلام مشابه في تحريم هذا الزواج .
قال – رحمه الله - :
ثم إن هذا القول – أي : القول بالجواز - قد يستغله ضعفاء الإيمان لأغراض سيئة كما سمعنا أن بعض الناس صاروا يذهبون في العطلة أي في الإجازة من الدروس إلى بلاد أخرى ليتزوجوا فقط بنية الطلاق ، وحكي لي أن بعضهم يتزوج عدة زواجات في هذه الإجازة فقط ، فكأنهم ذهبوا ليقضوا وطرهم الذي يشبه أن يكون زنى والعياذ بالله .
ومن أجل هذا نرى أنه حتى لو قيل بالجواز فإنه لا ينبغي أن يفتح الباب لأنه صار ذريعة إلى ما ذكرت لك.
أما رأيي في ذلك فإني أقول : عقد النكاح من حيث هو عقد صحيح ، لكن فيه غش وخداع ، فهو يحرم من هذه الناحية .
والغش والخداع هو أن الزوجة ووليها لو علما بنية هذا الزوج ، وأن من نيته أن يستمتع بها ثم يطلقها ما زوَّجوه ، فيكون في هذا غش وخداع لهم .
فإن بيَّن لهم أنه يريد أن تبقى معه مدة بقائه في هذا البلد ، واتفقوا على ذلك : صار نكاحه متعة .
لذلك أرى أنه حرام ، لكن لو أن أحداً تجرَّأ ففعل : فإن النكاح صحيح مع الإثم .
" لقاء الباب المفتوح " ( سؤال 1391 ) .
أما لو كان زوجك بنية الاستمرار في الزواج وليس عنده نية الطلاق ، غير أنه يحدث ما يكون سبباً للطلاق فهذا لا حرج عليه فيه .
ثالثاً :
وأما زواجه بطريقة سرية فإن كان ذلك بحضور ولي المرأة والشاهدين وتم العقد على ذلك فالعقد صحيح ، وأما إذا كان ذلك يتم من غير ولي المرأة أو من غير حضور شاهدين فالعقد غير صحيح .
انظر الأسئلة ( 7989 ) و ( 2127 )
رابعاً :
ننصح زوجك أن يتقي الله عز وجل في أهله ، وأن يتقيه في أعراض الناس ، وليعلم أنه لا يحل له مثل هذا العبث ، فالزواج مودة وسكن ورحمة ، فلا ينبغي جعله فقط لأجل قضاء الشهوة ثم تُترك المرأة في حسرتها .
كما ننصحك أن تتلطفي في الإنكار على زوجك ، وأن تحافظي على استقرار البيت ، وأن تتحري في صحة ما ذكرتيه عنه من مقاصده ونيته في تعدد زواجه وما لم يعجبك منه ، واعلمي أن غيرة المرأة من وجود من يشاركها في زوجها قد تدعوها لتضخيم بعض ما يكون يسيراً ، وقد تساعد وساوس الشيطان في ذلك من أجل زعزعة استقرار الأسر المسلمة .
فانظري إلى الأمر بشيء من التعقل خاصة في مسألة نيته التي ليس لك إطلاع عليها ، واسألي الله أن يريك الأمر على حقيقته واستخيري ربك في الاستمرار معه أو طلب الفراق منه ، وتأملي حالك إن تم الطلاق وما سيوؤل إليه حتى تعلمي هل الأفضل لك الفراق أم البقاء مع الصبر ، فإن تعذر عليك القدرة على تحمله بسبب ما ذكرتيه فإن لك طلب الفراق منه .
والله أعلم .
تعليق