الحمد لله.
أولا :
نهى النبي صلى الله عليه وسلم المرأة أن تسافر بدون محرم ؛ فقال : " لا تُسَافِرْ الْمَرْأَةُ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ وَلا يَدْخُلُ عَلَيْهَا رَجُلٌ إِلا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَخْرُجَ فِي جَيْشِ كَذَا وَكَذَا وَامْرَأَتِي تُرِيدُ الْحَجَّ فَقَالَ اخْرُجْ مَعَهَا " . رواه البخاري ( 1862 ) .
وروى مسلم ( 1339 ) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لا يَحِلُّ لامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ إِلا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ " وقد رويت أحاديث كثيرة في النهي عن سفر المرأة بلا محرم وهي عامة في جميع أنواع السفر .
ثانيا :
من شروط المحرم أن يبلغ عمره خمس عشرة سنة ، أو تظهر به إحدى علامات البلوغ إن كان دون هذه السن .
وعليه : فإن ابن الأربع عشرة سنة قد يكون بالغا وقد لا يكون .
هذا إن كانت الأربعة عشرة سنة ، بالحساب الهجري .
أما إن كانت بالحساب الميلادي : فالغالب أن يكون قد بلغ ، لأنه سوف يكون أكثر من أربعة عشرة بالهجرة ، لا سيما إن كان هناك كسور أشهر ، فغالبا ستتم خمس عسرة سنة .
وينظر السؤال (192334) .
ثالثا :
منع رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة أن تسافر بدون محرم خشية مما يفضي إليه سفرها بدونه من الفتنة والفساد .
وذلك أن المرأة لضعفها ، والفتنة بها ، فإنها تحتاج لمن يؤازرها ويقف إلى جوارها ، يحميها من أهل البغي والشر .
وغير مستنكر انتفاء المفسدة في بعض الأعيان أو بعض الحالات ؛ لأسباب زمانية أو مكانية أو عرفية أو غير ذلك . بل قد يوجد من النساء من تكون أقوى من محرمها ؛ لضعف بدنه ومرضه أو لرخاوته .
لكن الأحكام الشرعية إنما تبنى على الغالب الأعم من أحوال الناس ، والغالب أن الرجال هم الذين يحوطون نساءهم ويحفظونهم ويحرسونهم ، وكلما كان المجتمع محكوما بذلك، فإن الفساد فيه يقل، والشرور فيه تضعُف ، والعكس بالعكس ، وهذا أمر مشاهد معلوم .
فالمقصود من منع المرأة من السفر دون محرم تضييق أبواب الفساد ، وسد ذرائعه ، فتحريم سفرها على هذا النحو ليس محرما لذاته، وإنما منع منه ؛ لأنه ذريعة ووسيلة إلى الفتنة والفساد .
ومن المتقرر في القواعد الفقهية أن هذا النوع من المحرمات – المحرم لسد الذريعة - : تجيزه الحاجة ، والمصلحة الراجحة ، ولا يُتشدد فيه إلى القدر الذي يُضيّق على الإنسان ويضيع مصالحه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الشريعة جميعها مبنية على أن المفسدة المقتضية للتحريم ، إذا عارضتها حاجة راجحة : أُبيح المحرَّم " انتهى من " مجموع الفتاوى " (29/49) .
وقال – أيضا - رحمه الله:
" ما كان من باب سد الذريعة : إنما يُنهى عنه إذا لم يُحتج إليه .
وأما مع الحاجة للمصلحة التي لا تحصل إلا به : فلا يُنهى عنه " انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/214) .
واستنادا إلى هذه القاعدة الشرعية ، فقد سبق في الموقع عدد من الفتاوى التي تجيز – في بعض الظروف التي توفرت فيها الحاجة ، أو تحققت المصلحة الراجحة – سفر المرأة بغير محرم ، وذلك في الأرقام الآتية (181343) (175260) .
ولكننا لا نرى في سفرك بدون محرم حاجة ملحة ؛ خاصة إذا كان ابنك بالغا ، وانتظرتيه مدة عشرين يوما ليكمل اختباراته .
ولا نظن أن مثلك – وأنت لست طبيبة مختصة – مما يملك أن يفعل شيئا مؤثرا في حالة "مريض السرطان" .
لكن إن قدر أن لك خبرة بالطب قد تنقذين بها أخاك ، أو كانت زوجته تهمله وتفرّط في مداواته ، أو لم تقم بها كفايته ، ونحو ذلك ، ولم يوجد من يقوم بواجب رعايته غيرك ، فيظهر أن هذه حاجة تُجيز سفر المرأة بدون محرم ، إذا أَمنَت الطريق .
أما بدون ذلك فإن ارتكاب المحرم لمجرد زيادة مريض ، أو خشية حدوث شيء لا مطمع للإنسان في دفعه = لا يظهر أنه من الحاجات الملحّة التي تبيح المحرّم .
وينظر جواب السؤال (47029) .
والله أعلم .
تعليق