الحمد لله.
أولا :
المشاركة في الجمعية المذكورة: نوع من التأمين .
فإن قصد المشتركون التعاون على ما يقومون به من الرحلات المباحة، وأداء الحج، وما ينزل بهم من نوازل كموت الأبوين، وكان الفائض السنوي يبقى في الصندوق، أو يستثمر استثمارا مباحا، يعود ربحه على الصندوق، ولا يستثمر الفائض أو مال الجمعية في بنك ربوي : فهذا تأمين تعاوني جائز.
وأما إن كانت هناك جهة تأخذ الفائض لنفسها، أو كان الفائض ، أو أصل المال ، يستثمر بالربا، فلا يجوز الاشتراك في الجمعية؛ لحرمة التأمين التجاري، وحرمة استثمار المال في الربا.
ثانيا :
دفع المال لهذه الجهة مقابل الحصول على رحلات مخفضة : يدخل في بطاقات التخفيض المحرمة؛ لاشتمالها على الميسر، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (121759).
قال الشيخ ابن باز رحمه الله في بيان الفرق بين التأمين التعاوني الجائز، والتأمين التجاري المحرم:
" صدر من هيئة كبار العلماء، قرار بجواز التأمين التعاوني، وتحريم التأمين التجاري، وأنا أشرح للمستمع حقيقة هذا، وهذا :
فالذي صدر من المجلس جوازه هو التأمين التعاوني، وهو أن يجتمع جماعة من الناس، فيشتركون في تأمين تعاوني، كل واحد يبذل مالاً معينًا على أن يكون هذا المال لمصالح محدودة، كأن يشترطوا أن هذا المال يكون لمن قد يقع له كوارث بينهم، فينفقون من هذا المال فيها، وكأن يفتقر أحدهم فينفق عليه من المال، ونحو ذلك، مما يصرفونه في وجوه البر والتعاون بينهم، وليس للتجارة وتحصيل الأرباح، وإنما ذلك للإحسان فيما بينهم، لفقيرهم والذي يصاب بكارثة منهم، ونحو ذلك من المسلمين لمساعدتهم لا لقصد الربح والنماء .
هذا هو التأمين التعاوني، إذا اجتمع أهل القرية أو قبيلة أو جماعة من الموظفين، على مال معين ، كل واحد منهم يبذل كل شهر كذا أو كل سنة كذا، ويتفقون على أن هذا المال ينفق فيما قد يصابون به، من أسباب صدام السيارات وانقلاب سيارات، كوارث تصيب بعضهم، فينفق على من أصيب من هذا المال، ويؤدى عنه الدين أو الدية، ويواسى فقيره، ويشترى له حاجته من هذا المال .
ليس هذا المال له بل هو لوجه البر وأعمال الخير فيما بينهم، وليس المقصود منه الربح والتجارة، حتى يؤمنوا على سيارة فلان، أو سيارة فلان، لا، وإنما المقصود أن ينتفعوا به، ولا مانع من أن يعملوا فيه ويتجروا فيه والربح لهذه المصلحة، ولهذا المشروع، ليس لهم، بل الربح لهذا المشروع.
هذا هو التأمين التعاوني الذي أقره مجلس هيئة كبار العلماء ، وصدر به قرار رُفِع للمقام السامي، لمقام خادم الحرمين الشريفين .
وليس هو التأمين الذي يعرفه الناس بالتأمين التجاري، الذي هو أن تؤمن على سيارتك عند شركة أو على بيتك أو على عينك، أو على جسمك أو على ولدك : هذا محرم .
وهذا هو النوع الثاني، والذي يقال له التأمين التجاري، وهو أن يتقدم إنسان إلى شركة أو إلى تاجر، ويعطيه مالاً معينًا كل شهر أو كل سنة، على أنه يغرم له ما قد يصيب سيارته، أو ما قد يصيبه هو إذا مات، أو ما أشبه ذلك في مقابل ما أعطاه من المال .
فهذا يقال له التأمين التجاري، تارة يكون على الحياة، وتارة يكون على نفس الإنسان، إذا أصابه شيء من صدم أو غيره، وتارة يكون على سيارته، وتارة يكون على بيته، إلى غير هذا، هذا هو المحرم، هذا هو التأمين التجاري، وهو محرم؛ لما فيه من الغرر، ولما فيه من الربا، بأن يدفع مالاً قليلاً، ويأخذ مالاً كثيرًا، وربما أنفق أموالاً كثيرة ولم يصب بكارثة، فضاع عليه ماله، فصار غررًا وربا، وربما دفع مائة، وأخذ آلافًا بسبب ما قد يصيبه .
الحاصل : أنه محرم؛ لما فيه من الغرر، ولما فيه من الربا، ويسمى هذا التأمين التجاري، وهذا صدر به القرار بتحريمه .
بهذا يتضح الفرق بين النوعين " انتهى من فتاوى نور على الدرب (19/ 211).
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم (36955).
والله أعلم.
تعليق