السبت 3 ذو القعدة 1445 - 11 مايو 2024
العربية

هل يمكن للعين أن تكون سببا للاضطراب النفسي أو الجنون ؟

271460

تاريخ النشر : 12-02-2018

المشاهدات : 68551

السؤال

هل العين تسبب أمراضا نفسية أو جنون ؟ وما الدليل على ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.

الناس في العين وعلاقتها بالاضطرابات النفسية طرفان ووسط :

طرف فيه إفراط ، ومبالغة في تعليل الاضطرابات النفسية بالعين والسحر ونحوهما .

وطرف فيه تفريط وإغفال لأثر العين والسحر ونحوهما ، في حدوث الاضطرابات النفسية ، كما أن تأثير ذلك في الأمراض الحسية البدنية : معلوم مشاهد ، أيضا .

ووسط ، فيه اعتدال وتمييز ، وتريث في تحديد منشأ الاضطرابات النفسية ، ومعرفة ما إذا كانت لها صلة واضحة بالعين ونحوها ، أم لا .

وأشهر الاضطرابات النفسية التي يقع الخلط في التعامل معها :

- الاضطرابات العصابية neurotic disorders ، كاضطراب القلق العام، واضطراب التوتر الحاد.

- الاضطرابات المزاجية mood disorders ، كاضطراب الاكتئاب ، والاضطراب الوجداني ثنائي القطب .

- الاضطرابات الذهانية psychotic disorders ، كاضطراب الفصام ، واضطراب الضلالات .

وهذه الاضطرابات جميعا تتفق ، في كثير من أعراضها ، مع أعراض العين ، وغيرها من العوارض الروحانية ، كالسحر والمس .

بل وتتفق في كثير من أعراضها مع أعراض بعض الأمراض العضوية ، كأورام المخ ، والاضطرابات الهرمونية ، والأنيميا ، وغيرها .

وعليه : فالواجب على المعالج الحاذق أن يجتهد في تمييز ، ما إذا كان  منشأ الأعراض عضويا، أم نفسيا ، أم روحانيا ؛ هكذا على الترتيب .

فلا ينبغي أن يتسرع في نسبة الأعراض للعين ، أو الحسد ، قبل التأكد من خلو الجسد من الأمراض العضوية ، وخلو النفس من الاضطرابات النفسية .

وينبغي عليه كذلك ، لتحديد ما إذا كانت العين هي السبب في هذه الأعراض : أن يجتهد في التماس قرائن الأحوال ، ودلائل الأقوال ، على وقوع العين في الوقت الذي ظهرت فيه الأعراض لأول مرة .

وأخيرا

فلا نعلم دليلا شرعيا أو حسيا على أن العين قد تسبب الجنون ، بصفة خاصة ؛ ولكننا نعلم ، على وجه الإجمال : أن العين حق ، وأنها تصيب الإنسان ، سواء في نفسه ، أو في بدنه ، أو في ماله ، أو غير ذلك ، وأنه لو كان شيء سابق القدر لكان العين .  

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :

(الْعَيْنُ حَقٌّ ، وَلَوْ كَانَ شَيْءٌ سَابَقَ الْقَدَرَ سَبَقَتْهُ الْعَيْنُ ) . رواه مسلم (2188) .  

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله  : 

"جرى الحديث مجرى المبالغة في إثبات العين ، لا أنه يمكن أن يرد القدر شيء ، إذ القدر عبارة عن سابق علم الله ، وهو لا راد لأمره . أشار إلى ذلك القرطبي .

وحاصله : لو فرض أن شيئا ، له قوة ، بحيث يسبق القدر : لكان العين ؛ لكنها لا تسبق ، فكيف غيرها ؟!" انتهى "فتح الباري" (10/203-204 ) .

 وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن العين تصيب الرجل فتقتله ، وهذا أعظم شيء يصيب الإنسان ؛ وهذا يدل على أن تأثيرها فيما دون ذلك من المرض ، سواء العضوي ، أو النفسي : أمر ممكن ، لا غرابة فيه ، ولا عجب .

فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

العين تدخل الرجل القبر ، وتدخل الجمل القدر .

رواه أبو نعيم في الحلية وابن عدي في الكامل بإسناد حسنه الألباني في الصحيحة 1249.

قال المناوي رحمه الله :

"(العين تدخل الرجل القبر) أي : تقتله فيدفن في القبر .

(وتدخل الجمل القدر) أي : إذا أصابته ، مات ، أو أشرف على الموت ، فذبحه مالكه ، وطبخه في القدر" انتهى من "فيض القدير" (4/522) .

هذا ، ولْيُعلم : أن الرقية القرآنية نافعة ، في العين والحسد ، وغيرهما من العوارض الروحانية، ونافعة في الأمراض العضوية ، والاضطرابات النفسية كذلك .  

فعَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ، أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ ، مُنْذُ أَسْلَمَ .

فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

( ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ ) رواه مسلم (2202) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب