الجمعة 26 جمادى الآخرة 1446 - 27 ديسمبر 2024
العربية

اشتراط التنازل عن الدفعة المقدمة وتحمل الضرر الفعلي عند عدول المشتري عن الشراء

275924

تاريخ النشر : 28-11-2017

المشاهدات : 9782

السؤال

توجد شركة تقوم ببناء مجمعات سكنية وبيع البيوت بالتقسيط للمواطنين حسب نظام دفعات محدد ، وفي العقد بين الشركة والمشتري توجد فقرة تنص على أنه في حالة نكول أو عدول المشتري عن الشراء تقوم الشركة بمصادرة كامل قيمة الدفع المقدمة والأقساط المستحقة السداد وبنسبة 100% ، كما ويحق للشركة احتساب ما نسبته 20% من قيمة العقد الكلية كتعويض للشركة عن الأضرار جراء عدول المشتري عن الشراء ، فهل هذا العقد جائز شرعاً ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الشرط الجزائي في العقود المالية جائز ، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دَيْناً. فيجوز أن يشترط على المشتري أنه في حال عدوله عن الشراء- وليس عن مجرد الوعد- يتنازل عن العربون ، أو الدفعة المقدمة.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن الشرط الجزائي:

"رابعا: يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية ، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا ؛ فإن هذا من الربا الصريح .

وبناء على هذا ، فيجوز هذا الشرط – مثلاً في عقود المقاولات بالنسبة للمقاول ، وعقد التوريد بالنسبة للمورد ، وعقد الاستصناع بالنسبة للصانع (البائع) ، إذا لم ينفذ ما التزم به ، أو تأخر في تنفيذه .

ولا يجوز – مثلاً– في البيع بالتقسيط بسبب تأخر المدين عن سداد الأقساط المتبقية ، سواء كان بسبب الإعسار ، أو المماطلة ، ولا يجوز في عقد الاستصناع بالنسبة للمستصْنِع (المشتري) إذا تأخر في أداء ما عليه .

خامسًا : الضرر الذي يجوز التعويض عنه يشمل الضرر المالي الفعلي ، وما لحق المضرور من خسارة حقيقية ، وما فاته من كسب مؤكد ، ولا يشمل الضرر الأدبي أو المعنوي .

سادسًا : لا يعمل بالشرط الجزائي إذا أثبت من شُرط عليه أن إخلاله بالعقد كان بسبب خارج عن إرادته ، أو أثبت أن من شُرط له لم يلحقه أي ضرر من الإخلال بالعقد" انتهى من "قرارات المجمع" (ص371) طبعة وزارة الأوقاف القطرية .

وعليه : فيجوز للشركة أن تشترط أخذ أكثر من الدفعة المقدمة، تعويضا عن الضرر الفعلي الذي لحقها.

والضرر الفعلي هنا هو أن تبيع الشركة البيت لغيره بخسارة، فيتحمل المشتري هذه الخسارة.

فإن كان احتساب ما نسبته 20% من قيمة العقد الكلية، يعتبر تعويضا عن الضرر الفعلي، فلا حرج .

وإلا ؛ كان من أكل أموال الناس بالباطل، لكن هذا لا يحرم الدخول في العقد، فمن كان عازما على الشراء، فلا حرج عليه أن يشتري بهذه الطريقة.

وفي قرار هيئة كبار العلماء: " إذا كان الشرط الجزائي كثيرًا عرفًا بحيث يراد به التهديد المالي ، ويكون بعيدًا عن مقتضى القواعد الشرعية ، فيجب الرجوع في ذلك إلى العدل والإنصاف على حسب ما فات من منفعة أو لحق من مضرة .

ويرجع تقدير ذلك عند الاختلاف إلى الحاكم الشرعي عن طريق أهل الخبرة والنظر ، عملاً بقوله تعالى : (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) وقوله سبحانه : (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى) وبقوله صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار) وبالله التوفيق ، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم" انتهى .

وينظر: جواب السؤال رقم (112090).

كما ينظر في بيع العربون: جواب السؤال رقم (12580) ورقم (2149).

ثانيا:

لم يتضح لنا المراد من قولك: " والاقساط المستحقة السداد وبنسبة 100%".

فإن كان المراد أن المشتري دفع أقساطا إضافة إلى الدفعة المقدمة، وأنه في حال توقفه عن دفع الأقساط، أو رغبته في الفسخ، فإن الشركة تصادر جميع ما دفع : فهذا غرر فاحش وأكل للمال بالباطل.

وهذا الشرط يتضمن أمرين:

الأول: فسخ العقد، عند عدم سداد الأقساط. وهذا لا حرج فيه.

جاء في المعايير الشرعية، ص115: " للمؤسسة أن تشترط على العميل: أنه إذا امتنع عن تسلم السلعة في الموعد المحدد ، بعد إبرام عقد المرابحة : يحق للمؤسسة فسخ العقد ، أو بيع السلعة نيابة عن العميل ، ولحسابه ، وتستوفي مستحقاتها من الثمن ، وترجع عليه بالباقي إن لم يكف الثمن" انتهى.

وجاء فيها ص126: "  مستند جواز اشتراط الفسخ هو: أن الأصل في الشروط الجواز والصحة، وهذا الشرط لا يحل حراما ، ولا يحرم حلالاً ؛ فينطبق عليه حديث : ( المسلمون عند شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً ) " انتهى.

والثاني: أخذ الشركة لجميع ما دفع المشتري في حال عدم سداده الأقساط : وهذا غرر فاحش، وظلم بين، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر. رواه مسلم (1513).

وعليه : فلا يجوز الدخول في هذا العقد المشتمل على الغرر الفاحش.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب