الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

حول صحة حديث دعاء يعقوب فقال الله له "لو كان يوسف ميتا لأحييته لك "

275938

تاريخ النشر : 16-09-2017

المشاهدات : 198195

السؤال

ما صحة قصة بكاء نبي الله يعقوب أربعين سنة (بقيَ يعقوب اربعين سنة يبكي وهو رجل أعمي ، سجد في ليلة من الليالي وهو يبكي ، وهو يقول في السجود : يا رب أما ترحم ضعفي ، أما ترحم شيبتي ، أما ترحم كبر سني ، أما ترحم ذلتي ، أما ترحم فقري ، فأوحى الله له في ليلة وهو نبي مكلم قال : يا يعقوب ، وعزتي ، وجلالي ، وارتفاعي على خلقِ ، لو كان يوسف ميتاً لأحييته لك !!! فجاءته البشرى في اليوم الثاني )

الجواب

الحمد لله.

فقد ورد حديث في هذا المعنى ، لكنه حديث موضوع مكذوب .

وهذا الحديث يروى عن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كَانَ لِيَعْقُوبَ أَخٌ مُؤَاخٍ فَقَالَ لَهُ ذَاتَ يَوْمٍ: يَا يَعْقُوبُ مَا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرَكَ؟ وَمَا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرَكَ؟ قَالَ: أَمَّا الَّذِي أَذْهَبَ بَصَرِي فَالْبُكَاءُ عَلَى يُوسُفَ ، وَأَمَّا الَّذِي قَوَّسَ ظَهْرِي فَالْحُزْنُ عَلَى بِنْيَامِينَ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ إِنَّ اللَّهَ يُقْرِئُكَ السَّلامَ وَيَقُولُ لَكَ: أَمَا تَسْتَحْيِي أَنْ تَشْكُوَ إِلَى غَيْرِي؟ فَقَالَ يَعْقُوبُ: إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَشْكُو يَا يَعْقُوبُ ، ثُمَّ قَالَ يَعْقُوبُ: أَيْ رَبِّ أَمَا تَرْحَمُ الشَّيْخَ الْكَبِيرَ؟ أَذْهَبْتَ بَصَرِي وَقَوَّسْتَ ظَهْرِي فَارْدُدْ عَلَيَّ رَيْحَانَتِي أَشُمُّهُ شَمَّةً قَبْلَ الْمَوْتِ ثُمَّ اصْنَعْ بِي يَا رَبِّ مَا شِئْتَ ، فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ إِنَّ اللَّهَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلامَ وَيَقُولُ: أَبْشِرْ وَلْيَفْرَحْ قَلْبُكَ فَوَعِزَّتِي لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ لَنَشَرْتُهُمَا لَكَ ، اصْنَعْ طَعَامًا لِلْمَسَاكِينِ ، فَإِنَّ أَحَبَّ عِبَادِي إِلَيَّ الْمَسَاكِينُ ، وَتَدْرِي لِمَ أَذْهَبْتُ بَصَرَكَ وَقَوَّسْتُ ظَهْرَكَ وَصَنَعَ إِخْوَةُ يُوسُفَ بِيُوسُفَ مَا صَنَعُوا؟ لأَنَّكُمْ ذَبَحْتُمْ شَاةً فَأَتَاكُمْ فُلانٌ الْمِسْكِينُ وَهُوَ صَائِمٌ فَلَمْ تُطْعِمُوهُ مِنْهَا ، فَكَانَ يَعْقُوبُ بَعْدَ ذَلِكَ إِذَا أَرَادَ الْغَدَاءَ أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: أَلَا مَنْ أَرَادَ الْغَدَاءَ مِنَ الْمَسَاكِينِ فَلْيَتَغَدَّ مَعَ يَعْقُوبَ ، وَإِذَا كَانَ صَائِمًا أَمَرَ مُنَادِيًا فَنَادَى: مَنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُفْطِرْ مَعَ يَعْقُوبَ ".

والحديث له عن أنس طريقان :

الطريق الأول : مداره على يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية ، واختلف عليه ، وبيان ذلك كما يلي :

الحديث أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" 11901) من طريق الحسن بن عرفة ، عن يحيى بن عبد الملك ، عن حفص بن عمر بن أبي الزبير ، عن أنس به .

 وخالفه وهب بن بقية كما عند الطبراني في "المعجم الكبير" (2/103) ، وابن أبي شيبة كما عند  الحاكم في "المستدرك" (3328) ، فروياه عن يحيى بن عبد الملك ، عن حصين بن عمر الأحمسي ، عن أبي الزبير ، عن أنس به .

وهنا احتمالان :

أن يكون هذا اختلاف على يحيى بن عبد الملك أو تصحيف في اسم الراوي وأنه راو واحد ، ولو فرضنا أنه اختلاف ، فكلا الطريقين تالف ، فالأول فيه حفص بن عمر بن أبي الزبير ، قَالَ فيه الْأَزْدِيّ :" مُنكر الحَدِيث ضَعِيف مَجْهُول ". كذا في "الضعفاء والمتروكون" (943) لابن الجوزي ، وقال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (2156) :" لا يعرف من ذا ". اهـ .

 والثاني فيه حصين بن عمر الأحمسي : متروك ، قال البخاري في "الضعفاء الصغير" (83) :" منكر الحديث " . اهـ ، وقال أحمد بن حنبل :" كان يكذب " ، وقال ابن معين :" ليس بشيء " ، وقال أبو حاتم :" متروك الحديث " . انظر "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3/194) ، وقال ابن حبان في "المجروحين" (281) :" يَرْوِي الموضوعات عَن الْأَثْبَات ". اهـ

وهناك وجه آخر من طريق يحيى بن عبد الملك ، رواه عمرو بن محمد ، عن زافر بن سليمان ، عن يحيى بن عبد الملك ، واختلف عليه :

فرواه إسحاق بن راهويه كما في "المستدرك" للحاكم (3329) عن عمرو بن محمد ، عن زافر بن سليمان ، عن يحيى بن عبد الملك ، عن أنس به .

وخالف الحسينُ بن عمرو بن محمد ، والحسينُ بن علي العجلي ، فروياه كما "العقوبات" (154) لابن أبي الدنيا عن عمرو بن محمد ، عن زافر بن سليمان ، عن يحيى بن عبد الملك ، عن رجل عن أنس به .

وهذا الطريق تالف أيضا ، فلو رجحنا طريق إسحاق بن راهويه : فالحديث منقطع ، حيث لم يدرك يحيى بن عبد الملك أنس بن مالك فبينهما مفاوز .

ولو رجحنا الطريق الثاني : فطريق ساقط ، حيث إن الحسين بن عمرو بن محمد ، قال فيه أبو زرعة :" كان لا يصدق ". اهـ ، كذا في "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (3/62) .

وأما الحسين بن علي بن الأسود العجلي فقال فيه ابن عدي في "الكامل" (499) :" يسرق الحديث ". اهـ ، ثم فيه راو لم يسم .

الطريق الثاني :

أخرجه ابن أبي عمر في "مسنده" كما في "إتحاف الخيرة" (6522) من طريق يحيى بن حميد ، عن أبان بن أبي عياش ، عن أنس به .

وإسناده تالف أيضا ، فيه أبان بن أبي عياش متروك الحديث ، قال ابن معين :" كان يكذب ". كذا في "تاريخ ابن معين" رواية ابن محرز (1/64) ، وقال النسائي :" متروك " . كذا في "الضعفاء والمتروكون" (21) للنسائي ، وقال أحمد :" منكر الحديث" ، وقال أبو زرعة :" متروك حديثه " كذا في "الجرح والتعديل" (2/296) لابن أبي حاتم .

والحديث ضعفه ابن كثير ، فقال في "تفسيره" (4/406) :" هذا حديث غريب ، فيه نكارة ". اهـ ،

وقال الشيخ الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (1859) :" منكر " .

والله أعلم 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب