الحمد لله.
أولا :
( حسبنا الله ونعم الوكيل ) هي كلمة تفويض والتجاء إلى الله تعالى : أن يكفي القائل ما أهمه ، بما يشاء سبحانه وتعالى ، فمعنى (حسبنا الله) : أي : أن الله تعالى كافينا ما أهمنا .
وأما معنى : ( نعم الوكيل ) أي : أمدح من هو قيِّم على أمورنا ، وقائم على مصالحنا ، وكفيل بنا .
فهذا الذكر، في أصل وضعه ، ليس دعاء استنصار ، وإنما دعاء التجاء واعتصام بالله ، من هم، أو فزع ، أو خوف ، أو كرب ، أو مصيبة .
فيكون لسان حاله ومقاله : الالتجاء إلى الله ، والاكتفاء بحمايته وجنابه العظيم عن الخلق أجمعين .
وينظر جواب السؤال (175548) .
غير أن الناس صاروا يطلقونها في الخصومات ، ويريدون بها الدعاء على الخصم ، بأن يكف الله شره عن الداعي إما بإهلاكه أو إصابته بعجز .. أو بغير ذلك مما يشاؤه الله تعالى ، وهذا الاستعمال شبيه بقولهم : الله أكبر عليك .
فالتكبير في الأصل : هو تعظيم وإجلال لله تعالى .
فإذا قيل : الله أكبر عليك ، صار دعاء على هذا المخاطب ، وكأن المعنى : أن الله أكبر من كل شيء ، وسوف ينتقم لي منك .. أو نحو هذا .
ونحو ذلك : لو قيل : حسبي الله ونعم الوكيل عليك .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
"وَمن قَالَ : الله أكبر عَلَيْك ، فَهُوَ من نَحْو الدُّعَاء عَلَيْهِ ، فَإِن لم يكن بِحَق ؛ وإلا كَانَ ظَالِما لَهُ؛ يسْتَحق الِانْتِصَار مِنْهُ لذَلِك ، إِمَّا بِمثل قَوْله ، وَإِمَّا بتعزيزه" انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (ص 78).
وقال الكشناوي المالكي :
"إذا قال الرجل لصاحبه: اللَّه أكبر عليك : فإنه يعزر القائل ؛ إلاَّ أن يعفو عنه خصمه" انتهى من "أسهل المدارك" (3/192) .
وفي منتهى الإرادات (5/142) :
" وَكَدُعَاءٍ عَلَيْهِ ، وَشَتْمِهِ بِغَيْرِ فِرْيَةٍ ، وَكَذَا : اللَّهُ أَكْبَرُ عَلَيْك ، وَنَحْوُ ذَلِكَ : خَصْمُك اللَّهُ " انتهى .
ثانيا :
لا ينبغي لك أن تدعي على أختك ، فذلك فيه قطع للرحم التي بينكما ، لاسيما والخصومات التي تكون بينكما تكون على أشياء "تافهة" كما تقولين .
والذي ينبغي لك – وأنت أكبر منها- أن تكوني أكثر عقلا وحلما وصبرا وأدبا ، وأن تكوني حريصة على مصلحتها ، فإنك بلا شك تتألمين لآلامها ، وتحزنين لحزنها ، فلا يستهوينك الشيطان ، فتدعي على أختك بشر ، فيستجاب لك ، فتصبحي من النادمين .
فالذي ننصحك به أن تستغفري لأختك ، وتعتذري لها ، وأن تبدئي معها علاقة جديدة خالية من المنازعات والمشاحنات .
وفقكما الله لما يحب ويرضى ، وأصلح أحوالكما .
والله أعلم .
تعليق