الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم تعمد التلفظ بالطلاق في برنامج علاج للوسواس القهري

276888

تاريخ النشر : 14-01-2018

المشاهدات : 17601

السؤال

أرسلت لكم من قبل سؤالا بخصوص حالة طلاق ، وكان ردكم : أن الطلاق لم يقع بسبب الحالة التي أعاني منها ، فأنا مصاب بالوسواس القهري والسحر، وبعد شرح حالتي لطبيب نفسي كان تشخيص حالتي أنني أعاني من الوسواس القهري ، ويجب أن أخضع للعلاج ، وقد أخبرني الطبيب أن برنامج العلاج سيتطلب مني في مرحلة من المراحل التلفظ بكلمة الطلاق ، فما حكم ذلك في هذه الحالة ؟ وهل سيؤثر نطقي بكلمة الطلاق على زواجي إن كان فعل ذلك جزءا من العلاج؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الطلاق الصادر تحت تأثير الوسوسة والسحر: لا يقع، ما دام المتكلم غير مريد له، وإنما دفع له دفعا؛ لأنه لا طلاق في إغلاق؛ لما روى ابن ماجه (2046) عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) والحديث حسنه الألباني.

وبوب البخاري في صحيحه: بَاب الطَّلَاقِ فِي الْإِغْلَاقِ وَالْكُرْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَأَمْرِهِمَا وَالْغَلَطِ وَالنِّسْيَانِ فِي الطَّلَاقِ وَالشِّرْكِ وَغَيْرِهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ) ، وَتَلَا الشَّعْبِيُّ : ( لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ) ، وَمَا لَا يَجُوزُ مِنْ إِقْرَارِ الْمُوَسْوِسِ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّذِي أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ : ( أَبِكَ جُنُونٌ ) . وَقَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ: لَا يَجُوزُ طَلَاقُ الْمُوَسْوِسِ " انتهى مختصرا.

والإغلاق: يشمل الإكراه، وانغلاق الفكر وعدم الإرادة، وهذا يحصل للموسوس والمسحور، ولبعض مرضى الاكتئاب، بحيث يطلق الواحد منهم مرغما دون اختيار وإرادة، بل يجد نفسه مدفوعا للطلاق، لا ترتاح نفسه حتى يتكلم به، ومن كان هكذا لم يقع طلاقه.

قال البهوتي رحمه الله: " قال الشيخ [ابن تيمية]: إذا بلغ به السحر إلى أن لا يعلم ما يقول ، لم يقع به الطلاق انتهى" انتهى من "كشاف القناع "(5/ 236).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "مسألة: هل المسحور مثل المجنون؟

نعم ـ نسأل الله العافية ـ المسحور من جنس المجنون، فلو طلق ، لم يقع طلاقه، ولو آلى ، لم يصح إيلاؤه، ولو ظاهر ، لم يصح ظهاره؛ لأن المسحور مغلوب على عقله تماماً" انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 221).

وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله: هل يقع طلاق المسحور أم لا؟

فأجاب: "إذا غلب السحر على العقل وألحق المسحور بالمجانين لم يقع طلاقه؛ لأن الطلاق يشترط له العزم لقوله تعالى: (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ) ، وفاقد العقل ليس له عزم ولا نية.

فأما إن كان الطلاق مع الفهم والعلم بآثار الطلاق وما يسببه من الفرقة، فإنه يقع.

لكن إن عمل السحر في صرفه عن زوجته ، وإيقاع الكراهة بينهما ، ولم يجد الراحة إلا في الطلاق، على حد قوله تعالى: (فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ)؛ فالظاهر أنه لا يقع، لأنه مغلوب على أمره. والله أعلم" انتهى.

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه ، إذا لم يكن عن قصد ، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة ، بل هو مغلق عليه ، ومكره عليه ، لقوة الدافع ، وقلة المانع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق في إغلاق ".

فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة ، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه ، بغير قصد ولا اختيار : فإنه لا يقع به طلاق " انتهى ، نقلا عن "فتاوى إسلامية" (3/277).

ثانيا:

إذا ضاقت نفسك بسبب السحر والوسوسة ، ولم تجد راحة إلا بالتلفظ بالطلاق، فلا شيء عليك.

وأما تعمد التلفظ بالطلاق على سبيل العلاج من الوسوسة، فالأصل منعه، ويبحث عن وسائل أخرى للعلاج .

فإن تعيّنت هذه الوسيلة ولم يوجد غيرها، فلا حرج أن تقول: أنت طالق من وثاقٍ، أو تقول: أنت طالق، وتنوي أنها طالق من وثاقٍ أو قيدٍ، أي أنها ليست مقيدة اليدين أو الرجلين.

فإن هذه الإضافة اللفظية تمنع وقوع الطلاق، وكذلك لو أضفتها بالنية.

فإذا غلبك الوسواس ، حتى تكلمت دون أن تقيد الطلاق بشيء : فإن الطلاق لا يقع.

قال في "كشاف القناع" (5/ 247): " (وإن) قال لزوجته: أنت طالق و (ادعى أنه أراد بقوله طالق من وثاق ... لم تطلق فيما بينه وبين الله) تعالى ، لأنه أعلم بنيته... (فإن صرح في اللفظ بالوثاق فقال: طلقتك من وثاقي، أو من وثاقٍ: لم يقع) عليه الطلاق؛ لأن ما يتصل بالكلام يصرفه عن مقتضاه ، كالاستثناء والشرط" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب