الحمد لله.
أولا:
الزنا كبيرة من كبائر الذنوب ، ويشتد إثمه وتضاعف عقوبته إذا كانت المرأة متزوجة ، لما في ذلك من تدنيس فراش زوجها ، ولهذا كانت عقوبة الزاني البكر الجلد مائة جلدة ، وعقوبة الزاني المحصن الرجم حتى الموت .
قال تعالى: ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) سورة الإسراء/32.
قال الشيخ السعدي رحمه الله : " والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله ، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه ، فإن: ( من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) ؛ خصوصا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه .
ووصف الله الزنى وقبحه بأنه ( كَانَ فَاحِشَةً ) أي : إثما يستفحش في الشرع والعقل والفطر ، لتضمنه التجرؤ على الحرمة في حق الله ، وحق المرأة ، وحق أهلها أو زوجها ، وإفساد الفراش ، واختلاط الأنساب وغير ذلك من المفاسد .
وقوله: ( وَسَاءَ سَبِيلاً ) أي : بئس السبيل : سبيلُ من تجرأ على هذا الذنب العظيم" .
انتهى من " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" (1/457).
والواجب على من وقع في ذلك: التوبة الصادقة والرجوع إلى الله والبعد عن دواعيه ، ومن تاب تاب الله عليه .
وللاستزادة في معرفة جريمة الزنا والتوبة منها ينظر جواب سؤال رقم : (47924) ، (138270) .
ثانيا:
إذا زنت المرأة المتزوجة، وحملت، فإن المولود ينسب إلى الزوج، ولا ينتفي نسبه منه إلا باللعان، وأما الزاني فلا ينسب الولد له؛ لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ) رواه البخاري ( 1948 ) ومسلم ( 1457 ) .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " وأجمعت الجماعة من العلماء : أن الحرَّة فراش بالعقد عليها ، مع إمكان الوطء ، وإمكان الحمل ، فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل : فالولد لصاحب الفراش لا ينتفي عنه أبداً بدعوى غيره ، ولا بوجه من الوجوه ، إلا باللعان " انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 8 / 183 ).
وينظر في اللعان وكيفيته جواب السؤال رقم ( 178671 ).
وقال ابن قدامة - رحمه الله -: " وأجمعوا على أنه إذا وُلد على فراشٍ فادَّعاه آخر : أنه لا يلحقه ، وإنما الخلاف فيما إذا وُلد على غير فراش " انتهى من " المغني " ( 7 / 130 ) .
فلو فرض أن المرأة جازمة بأن الحمل من الزنى، فلا سبيل إلى إلحاقه بالزاني بحال. ولا سبيل إلى نفيه من الزوج إلا باللعان.
ثالثا:
لا يجوز للمسلم أن يفسد امرأة على زوجها ، لما فيه من هدم البيوت وتشتيت الأسرة ، ولو كان بينهما خلاف بلغ أشده ، وقد عده بعض العلماء من كبائر الذنوب ، قال صلى الله عليه وسلم: ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَبَّبَ امرَأَةً عَلَى زَوجِهَا ) . رواه أبو داود ( 2175 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".
وروى أبو داود ( 5170 ) – أيضاً - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ خَبَّبَ زَوْجَةَ امْرِئٍ أَوْ مَمْلُوكَهُ فَلَيْسَ مِنَّا ) ، وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال الشيخ عبد العظيم آبادي – رحمه الله - :
( مَن خبَّب ) : بتشديد الباء الأولى ... ، أي : خدع وأفسد .
( امرأة على زوجها ) : بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ، أو محاسن أجنبي عندها ".
انتهى من "عون المعبود " ( 6 / 159 ).
وقال : " ( مَنْ خَبَّب زوجة امرئ ) : أي خدعها وأفسدها أو حسن إليها الطلاق ليتزوجها ، أو يزوجها لغيره أو غير ذلك " . انتهى من " عون المعبود "( 14 / 52 ).
وقد جمع هذا الرجل بين جرائم عظيمة: التخبيب، والزنا بالمتزوجة، والنكاح في العدة، والنكاح بغير الطريقة الشرعية، فهو فاجر آثم.
رابعا:
نكاح المعتدة باطل لا يصح، والواجب التفريق بينهما .
ثم على المرأة أن تكمل عدة زوجها الأول ، أولا .
ثم لها أن تتزوج الثاني عند من لا يحرمها على المخبِّب، المفسد لها على زوجها . أو إذا كان الثاني لم يخببها على زوجها، بشرط التوبة من الزنا.
وينظر للفائدة حول نكاح المعتدة وما يترتب عليه: جواب السؤال رقم (153793).
وحول نكاح الزانيين: جواب السؤال رقم (85335).
والله أعلم.
تعليق