الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

هل يجوز في القتل الخطأ أن يدفع الجاني الدية من ماله دون علم العاقلة؟

280788

تاريخ النشر : 29-10-2017

المشاهدات : 18889

السؤال

هل يجوز للقاتل خطأ أن يدفع الدية بنفسه بغية الستر على نفسه حتى لا يعلم أقرباؤه ؟

الجواب

الحمد لله.

الواجب في القتل الخطأ أمران:

الكفارة على القاتل، والدية على عاقلته.

واختلف الفقهاء: هل وجبت الدية على العاقلة ابتداء، أم وجبت على الجاني وتتحملها العاقلة؟

وبكل قول قال جماعة من كل مذهب.

والقول الثاني هو الأصح عند الشافعية، والمشهور عند الحنفية، وإليه ذهب ابن قدامة رحمه الله خلافا للحنابلة.

قال ابن عابدين في حاشيته (6/ 564):

"يوضحه ما في الكفاية حيث قال: مطلب: الصحيح أن الوجوب على القاتل، ثم تتحمله العاقلة".

وقال الشربيني في مغني المحتاج (5/ 359) : " ظاهر كلام المصنف : أن الوجوب لا يلاقي الجاني أولا ، بل يلاقي العاقلة ابتداء .

والأصح المنصوص : أنه يلاقيه ابتداء ، ثم يتحملونها إعانة له ، كقضاء دين من غرم لإصلاح ذات البين" انتهى.

وقال ابن قدامة: " وقولهم: إن الدية تجب على العاقلة ابتداء : ممنوع، وإنما تجب على القاتل، ثم تتحملها العاقلة عنه" انتهى من المغني (8/ 398).

وينظر: المبسوط (27/ 134)، المنتقى للباجي (7/ 102)، المجموع (6/ 85).

فتحمّل العاقلة للدية هو من باب المواساة والمعاونة، وإلا فالأصل أنها على الجاني .

ولهذا لو لم يكن للجاني عاقلة : فإن الدية تلزم القاتل ، على الصحيح.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " والصحيح أنه إذا لم يكن له عاقلة : فعليه .

فإن لم يكن هو واجداً : أخذنا من بيت المال؛ وذلك لأن الأصل أن الجناية على الجاني، وحُمِّلَت العاقلة من باب المعاونة والمساعدة" انتهى من الشرح الممتع (14/ 179).

وينبني على هذا القول: أنه لو دفع القاتل دية الخطأ دون علم العاقلة، أجزأ ذلك؛ لأن الدية واجبة عليه في الأصل.

قال ابن القيم رحمه الله: " والناس متنازعون في العقل [يعني : الدية] : هل تحمل العاقلة ابتداء أو تحمّلا ؟ على قولين .
كما تنازعوا في صدقة الفطر التي يجب أداؤها عن الغير ، كالزوجة والولد : هل تجب ابتداء أو تحملا ؟ على قولين .
وعلى ذلك ينبني : ما لو أخرجها من تُحُمِّلت عنه ، عن نفسه ، بغير إذن المتحمِّل لها :

فمن قال هي واجبة على الغير تحمّلا ، قال : يجزئ في هذه الصورة .
ومن قال : هي واجبة عليه ابتداء ، قال : لا تجزئ ، بل هي كأداء الزكاة عن الغير .

وكذلك القاتل ، إذا لم تكن له عاقلة : هل تجب الدية في ذمة القاتل أو لا ؟

على قولين ، بناء على هذا الأصل" انتهى من "إعلام الموقعين" (2/ 14).

والحاصل : أن القول الراجح : أنه يجوز للقاتل خطأ أن يدفع الدية من ماله ، دون علم عاقلته.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب