الحمد لله.
أولا:
يجوز أن تعمل وسيطا في صرف العملات مقابل عمولة معلومة، إذا التزمت بشرط الصرف الشرعي وهو التقابض.
فللعميل في أمريكا أن يرسل لك الدولارات لتتولى صرفها بالجنيهات، ثم ترسلها له، مقابل عمولة لك.
ويدخل عملك هذا في الوكالة بأجرة ، فتتفق مع العميل في أمريكا : أنك وكيل له ، وتتفق معه على أجرتك .
ومن مقتضى هذه الوكالة : أنك لا تضمن له ماله ، إن تلف ، أو سرق ، بغير تعد منك ولا تفريط ، وأنك ستبدل له ماله ، بحسب سعر السوق .
ثانيا:
يلزمك مراعاة شرط الصرف، وهو التقابض الفوري عند تبديل العملات؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ ...مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) رواه مسلم (2970).
والدولارات والجنيهات وغيرها من العملات أجناسٌ مستقلة، لها ما للذهب والفضة من الأحكام، فلا يجوز شراء عملة بعملة إلا يدا بيد، وهذا هو القبض الحقيقي.
ويصح القبض الحكمي، كأن تستلم شيكا مصرفيا ، أو مصدقا ، أو حوالة بنكية بالعملة المقابلة، أو يودع المال في الحسابين في نفس المجلس، ولو كان المتصارفان في بلدين مختلفين.
وينظر: جواب السؤال رقم (110938).
وقد ذكرت صورتين للصرف:
1-أما الأولى، فلا تجوز؛ لعدم التقابض، لأن محلات الصرافة تأخذ منك الدولارات، ولا تعطيك الجنيهات في نفس المجلس، بل إذا تيسر لها جمعها من عملائها.
2-وأما الصورة الثانية فجائزة، وهي أن تعطيهم الدولارات، ويعطونك الجنيهات خلال ثوان، أو عشر دقائق، ما دام ذلك في المجلس، أي في نفس مكان وزمان التبادل ؛ فلا تفارق محل الصرافة حتى تأخذ منه الجنيهات.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " المعاملة بالبيع والشراء بالعُمَل جائزة، لكن بشرط التقابض يداً بيد إذا كانت العمل مختلفة، فإذا باع عملة ليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يداً بيد فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد، فيقبض منه ويُقبضه في المجلس، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرها بعملة ليبية أو غيرها يداً بيد فلا بأس، أما إذا كانت إلى أجل فلا يجوز، وهكذا إذا لم يحصل التقابض في المجلس فلا يجوز؛ لأنه والحال ما ذكر يعتبر نوعاً من المعاملات الربوية، فلا بد من التقابض في المجلس يداً بيد إذا كانت العُمَل مختلفة، أما إذا كانت من نوع واحد فلا بد من شرطين: التماثل والتقابض في المجلس، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ .. [وذكر الحديث].
والعُمَل حكمها حكم ما ذكر، إن كانت مختلفة جاز التفاضل مع التقابض في المجلس، وإذا كانت نوعاً واحداً مثل دولارات بدولارات، أو دنانير بدنانير : فلا بد من التقابض في المجلس والتماثل، والله ولي التوفيق " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (19/171).
والله أعلم.
تعليق