الحمد لله.
أولا:
الذي يظهر لنا صحة الشرط الجزائي القاضي بتغريم من يفسخ العقد؛ لأن الأصل في الشروط الصحة، ولأن الشرط الجزائي في غير الديون صحيح يجب الوفاء به.
وقد جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بخصوصه ما يلي: (يجوز أن يشترط الشرط الجزائي في جميع العقود المالية، ما عدا العقود التي يكون الالتزام الأصلي فيها دينًا؛ فإن هذا من الربا الصريح) وينظر: نص القرار بتمامه في جواب السؤال رقم : (112090) .
قال الإمام البخاري في صحيحه (3/198) :
" بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ الِاشْتِرَاطِ وَالثُّنْيَا فِي الإِقْرَارِ، وَالشُّرُوطِ الَّتِي يَتَعَارَفُهَا النَّاسُ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا قَالَ: مِائَةٌ إِلَّا وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ .
وَقَالَ ابْنُ عَوْنٍ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ رَجُلٌ لِكَرِيِّهِ: أَرْحِلْ رِكَابَكَ، فَإِنْ لَمْ أَرْحَلْ مَعَكَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَلَكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَخْرُجْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: مَنْ شَرَطَ عَلَى نَفْسِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُكْرَهٍ فَهُوَ عَلَيْهِ .
وَقَالَ أَيُّوبُ: عَنْ ابْنِ سِيرِينَ: إِنَّ رَجُلًا بَاعَ طَعَامًا، وَقَالَ: إِنْ لَمْ آتِكَ الأَرْبِعَاءَ، فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بَيْعٌ، فَلَمْ يَجِئْ، فَقَالَ شُرَيْحٌ: لِلْمُشْتَرِي أَنْتَ أَخْلَفْتَ، فَقَضَى عَلَيْهِ " انتهى .
ثانيا:
قولك لأخيك: ليس لك شيء عندي، لا يعتبر فسخا للعقد، بل هو إنكار وجحد له، وهذا قول محرم، لكن لا يترتب عليه ما وضعتم في الشرط الجزائي.
والنسيان معفو عنه، لكن لا يجوز لك أن تجحد حق أخيك، سواء وجد شرط جزائي أو لم يوجد، وسواء تذكرت الشرط أو نسيته.
ثالثا:
قولك: خذ ربع المحل، مع عدم قبول أخيك لذلك، لا يترتب عليه شيء؛ سواء كان هبة، أو توفية حق، فحيث لم يقبل، فلا يلزمك شيء.
وعلى فرض أنه قبل، وقد قلت ذلك ظنا أنه تنفيذ للشرط، فلا يلزمك إعطاؤه ربع المحل؛ لأن الشرط بحاله، وأنت لم تفسخ العقد، كما تقدم.
والذي يظهر من سؤالك هنا : غلبة الوسواس عليك ، وهو داء وبيل ، فالنصيحة ألا تلفت إلى الوساوس في شيء من أمر دينك ، ولا دنياك ؛ فإنها متى استمكنت من العبد ، أوشكت أن تفسد عليه أمر دينه ودنياه .
وفي الموقع نصائح كثيرة لمن ابتلي بالوسواس ، وينبغي إذا شعرت من نفسك بذلك ، أن تعرض نفسك على طبيب اختصاصي ؛ فالوسواس مرض ، كسائر الأمراض ، له طبه وعلاجه .
والله أعلم.
تعليق