الحمد لله.
أولا: يجب غسل الجسم كاملاً في الغسل من الجنابة
يجب في الغسل الواجب إفاضة الماء على جميع الجسد – بشره وشعره- بإجماع أهل العلم.
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وقد أجمعوا أن غسل الأعضاء كلها مأمور في غسل الجنابة " انتهى من "التمهيد" (1 / 81).
وقال ابن حزم رحمه الله تعالى:
" واتفقوا على أن إمساس الجلد كله والرأس في الغسل مما يوجب الغسل .. فرض " انتهى من "مراتب الإجماع" (ص 19).
ثانيا: طريقة غسل العضو المجروح في الغسل الواجب
فإذا كان عضو من أعضاء الغسل به جرح، فقد فصّل أهل العلم كيفية التعامل مع هذا العضو على التفصيل الآتي:
" الجرح ونحوه إما أن يكون مكشوفا، أو مستورا.
فإن كان مكشوفا فالواجب غسله بالماء، فإن تعذر فالمسح، فإن تعذر المسح فالتيمم، وهذا على الترتيب.
وإن كان مستورا بما يسوغ ستره به؛ فليس فيه إلا المسح فقط، فإن أضره المسح مع كونه مستورا، فيعدل إلى التيمم، كما لو كان مكشوفا، هذا ما ذكره الفقهاء رحمهم الله في هذه المسألة " انتهى من "الشرح الممتع" (1 / 247).
ثالثا: ترك واجب من واجبات الطهارة أو الصلاة جهلاً بالحكم الشرعي ثم علم الحكم بعد خروج الوقت
وبناء على ما سبق، فجرحك كان مكشوفا ولم تكن عليه جبيرة أو لفافة من قماش.
فكان الواجب عليك بعد أن أكملت غسل سائر جسدك، أن تنزع الكيس والشراب، ثم تغسل رجلك شيئا فشيئا، فإذا وصلت إلى مكان الجرح فإن كان يضرك غسله، فإنك تمسحه بيدك وهي مبللة بالماء ، فإن كان يضره ذلك أيضا ، فإنك بعد الاغتسال كما سبق ، تتيمم عن هذا الجزء من البدن الذي لم يغسل ولم يمسح .
وعلى هذا ؛
فاغتسالك من الجنابة غير صحيح ، ولا يرفع الحدث ، ولا تصح الصلاة به .
لكن من ترك واجبا من واجبات الطهارة أو الصلاة جهلا بالحكم الشرعي ، وصلى صلاة ناقصة ، فإنه لا يؤمر بإعادتها إذا علم الصواب بعد خروج وقتها .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" وما ترك لجهله بالواجب، مثل من كان يصلي بلا طمأنينة، ولا يعلم أنها واجبة، فهذا قد اختلفوا فيه: هل عليه الإعادة بعد خروج الوقت أو لا؟ على قولين معروفين. وهما قولان في مذهب أحمد وغيره.
والصحيح: أن مثل هذا لا إعادة عليه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد ثبت عنه في الصحيح أنه قال للأعرابي المسيء في صلاته: ( اذهب فصل فإنك لم تصل - مرتين أو ثلاثا - فقال: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا: فعلمني ما يجزيني في صلاتي ). فعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بالطمأنينة. ولم يأمره بإعادة ما مضى قبل ذلك الوقت. مع قوله: ( والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا ).
ولكن أمره أن يعيد تلك الصلاة؛ لأن وقتها باق. فهو مأمور بها أن يصليها في وقتها، وأما ما خرج وقته من الصلاة فلم يأمره بإعادته مع كونه قد ترك بعض واجباته؛ لأنه لم يكن يعرف وجوب ذلك عليه.
وكذلك لم يأمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يقضي ما تركه من الصلاة؛ لأجل الجنابة. لأنه لم يكن يعرف أنه يجوز الصلاة بالتيمم.
وكذلك المستحاضة قالت له: إني أستحاض حيضة شديدة منكرة تمنعني الصوم والصلاة فأمرها أن تتوضأ لكل صلاة، ولم يأمرها بقضاء ما تركته.
وكذلك الذين أكلوا في رمضان حتى تبين لأحدهم الحبال البيض من الحبال السود، أكلوا بعد طلوع الفجر ولم يأمرهم بالإعادة، فهؤلاء كانوا جهالا بالوجوب، فلم يأمرهم بقضاء ما تركوه في حال الجهل، كما لا يؤمر الكافر بقضاء ما تركه في حال كفره وجاهليته " انتهى من "مجموع الفتاوى" (21 / 429 - 431).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
" الجهل -بارك الله فيك- هو: عدم العلم، ولكن أحياناً يعذر الإنسان بالجهل فيما سبق دون ما حضر، مثال ذلك: ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (أن رجلاً جاء فصلى صلاة لا اطمئنان فيها، ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، كرر ذلك ثلاثاً، فقال له: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني) فعلمه ، ولكنه لم يأمره بقضاء ما مضى لأنه كان جاهلاً، إنما أمره أن يعيد الصلاة الحاضرة " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (19 / 32 ترقيم الشاملة).
والحاصل:
أنه لا يلزمك إعادة الصلوات الماضية . وإنما يلزمك الآن : أن تعيد الغسل، وتعيد صلاة الوقت الذي أنت فيه فقط ، دون ما خرج وقته من الصلوات السابقه.
والله أعلم.
تعليق