السبت 29 جمادى الأولى 1446 - 30 نوفمبر 2024
العربية

حول الروايات الواردة في جهاز فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

284916

تاريخ النشر : 04-02-2018

المشاهدات : 13866

السؤال


كنت أقرأ في مقال عن جهاز بنت النبي محمد عليه الصلاة والسلام ، السيدة فاطمة رضي الله عنها ، وقرأت عَنْ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ قَالَتَا : " أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُجَهِّزَ فَاطِمَةَ حَتَّى نُدْخِلَهَا عَلَى عَلِيٍّ ، فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ فَفَرَشْنَاهُ تُرَابًا.. " ثم قرأت تحقيق دار السلام للحديث فوجدته ضعيفا ، فآمل ذكر الأحاديث الصحيحة في وصف جهاز ابنة أو بنات النبي صلى الله عليه وسلم .

الجواب

الحمد لله.

لم نقف على حديث في وصف جهاز بنات النبي صلى الله عليه وسلم سوى ما ورد في جهاز فاطمة رضي الله عنها ، فإنه قد وردت عدة أحاديث في وصف جهازها ، منها الصحيح ومنها الضعيف ، وبيان هذه الأحاديث كما يلي :

الحديث الأول : وهو ما أورده السائل الكريم

أخرجه ابن ماجه في "سننه" (1911) من طريق سويد بن سعيد ، قال حَدّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ الشَّعْبِي ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ ، قَالَتَا:( أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ نُجَهِّزَ فَاطِمَةَ حَتَّى نُدْخِلَهَا عَلَى عَلِي ، فَعَمَدْنَا إِلَى الْبَيْتِ ، فَفَرَشْنَاهُ تُرَابًا لَيِّنًا مِنْ أَعْرَاضِ الْبَطْحَاءِ ، ثُمَّ حَشَوْنَا مِرْفَقَتَيْنِ لِيفًا ، فَنَفَشْنَاهُ بِأَيْدِينَا ، ثُمَّ أَطْعَمْنَا تَمْرًا وَزَبِيبًا ، وَسَقَيْنَا مَاءً عَذْبًا ، وَعَمَدْنَا إِلَى عُودٍ فَعَرَضْنَاهُ فِي جَانِبِ الْبَيْتِ يُلْقَى عَلَيْهِ الثَّوْبُ وَيُعَلَّقَ عَلَيْهِ السِّقَاءُ ، فَمَا رَأَيْنَا عُرْسًا أَحْسَنَ مِنْ عُرْسِ فَاطِمَةَ ) .

والحديث إسناده ضعيف جدا ، فيه جابر الجعفي ، والمفضل بن عبد الله ، وسويد بن سعيد ، وجميعهم ضعيف جدا ، والحديث ضعفه الشيخ الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه" (374)

الحديث الثاني :

أخرجه أحمد في "مسنده" (643) ، والنسائي في "سننه" (3384) ، وابن حبان في "صحيحه" (6947) ، والحاكم في "المستدرك" (2755) ، من طريق زائدة .

وأخرجه ابن ماجه في "سننه" (4152) ، من طريق محمد بن فضيل .

كلاهما ( زائدة ، محمد بن فضيل ) عن عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ:( جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ فِي خَمِيلٍ وَقِرْبَةٍ وَوِسَادَةٍ حَشْوُهَا إِذْخِرٌ ).

والحديث إسناده صحيح ، رجاله ثقات غير أن عطاء بن السائب اختلط ، لكن روى عنه زائدة بن قدامة قبل الاختلاط ، فالحديث صحيح .

قال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (7/207) في ترجمة عطاء بن السائب :" وقال الطبراني ثقة اختلط في آخر عمره ، فما رواه عنه المتقدمون فهو صحيح ، مثل سفيان وشعبة وزهير وزائدة ". انتهى

وأما السائب بن مالك والد عطاء ، فقد وثقه ابن معين كما في "الجرح والتعديل" (4/242) ، وسمع من علي بن أبي طالب ، كما ذكر البخاري في "التاريخ الكبير" (4/154) .

ورواه أحمد في "المسند" (819) من طريق حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن علي ، بلفظ : ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا زَوَّجَهُ فَاطِمَةَ بَعَثَ مَعَهُ بِخَمِيلَةٍ وَوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ، وَرَحَيَيْنِ وَسِقَاءٍ وَجَرَّتَيْنِ ) .

وأما طريق حماد بن سلمة فإنه شاذ ، حيث إنه ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط وبعده ، وكان لا يفصل ، كما في "الضعفاء الكبير" للعقيلي (3/398) .

الحديث الثالث :

أخرجه النسائي في "خصائص علي" (123) من طريق سُهَيْل بن خَلاد الْعَبْدي ، قَالَ حَدثنَا مُحَمَّد بن سَوَاء ، عَن سعيد بن أبي عرُوبَة ، عَن أَيُّوب السّخْتِيَانِيّ ، عَن عِكْرِمَة ، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ:( لما زوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَاطِمَة من عَليّ كَانَ فِيمَا أهْدى مَعهَا سريرا مَشْرُوطًا ، ووسادة من أَدَم ، حشوها لِيف وقربة . قَالَ وَجَاءُوا ببطحاء الرمل فبسطوه فِي الْبَيْت ..) .

وإسناده ضعيف ، فيه سهيل بن خلاد ، وهو مجهول ، وحديثه هذا منكر .

قال الذهبي في "ميزان الاعتدال" (3602) :" سهيل بن خلاد العبدي عن محمد بن سواء بخبر منكر ، تكلم فيه بالجهالة ". انتهى

الحديث الرابع :

أخرجه ابن حبان في "صحيحه" (2225) ، والطبراني في "المعجم الكبير" (22/204) ، من طريق يَحْيَى بْن يَعْلَى الْأَسْلَمِيّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، في قصة طلب علي رضي الله عنه الزواج من فاطمة رضي الله عنها ، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( فَقَالَ: يَا بِلَالُ ، ابْغِنَا بِهَا طِيبًا ، ومُرْهُمْ أَنْ يُجَهِّزُوهَا ، فَجَعَلَ لَهَا سَرِيرًا مُشَرَّطًا بِالشَّرَيطِ ، وَوِسَادَةً مِنْ أَدَمٍ ، حَشْوُهَا لِيفٌ ، وَمَلَأَ الْبَيْتَ كَثِيبًا ، يَعْنِي رَمَلًا .. ). وإسناده ضعيف ، ومتنه منكر .

وعلته يحيى بن يعلى الأسلمي ، قال ابن معين :" ليس بشيء " ، وقال البخاري :" مضطرب الحديث " . كذا في "الكامل في الضعفاء" لابن عدي (9/87) .

وقال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (11/304) في ترجمته :" وأخرج ابن حبان له في صحيحه حديثا طويلا في تزويج فاطمة فيه نكارة ". انتهى

يتلخص مما سبق :

أنه لم يصح حديث في جهاز فاطمة رضي الله عنها ، إلا حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ولفظه :( جَهَّزَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي خَمِيلٍ ، وَقِرْبَةٍ ، وَوِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ ) .

ومعنى الحديث :

الخميلة : قال ابن الأثير في "النهاية في غريب الحديث" (2/81) :" والخَمِيلَةُ: القَطيفَة ، وَهِيَ كُلُّ ثَوْب لَهُ خَمْل مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ ". انتهى

والقربة : هي ما يتخذ للسقاء ، قال ابن منظور في "لسان العرب" (1/668) :" والقِرْبةُ مِنَ الأَساقي ". انتهى

والوسادة : قال القاضي عياض في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (2/294) :" هُوَ مَا يتوسد عَلَيْهِ عِنْد النّوم ، وَيجْعَل عَلَيْهِ الرَّأْس ، أَو يُتَّكأ عَلَيْهِ ". انتهى

والأدم : قال القاضي عياض في "مشارق الأنوار" (1/24) :" والأدم وَهُوَ الْجلد بِكَسْر الدَّال ". انتهى

والليف : قال ابن حجر في "فتح الباري" (1/185) :" لِيف هُوَ مَا يخرج من أصُول سعف النّخل يحشى بهَا الوسائد ". انتهى

ولعل من أعظم ما يستفاد من ذلك ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم من الزهد ، حتى إن جهاز فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهي سيدة نساء الجنة ، قطيفة لها خمائل ، وإناء ، ووسادة حشوها من أصول سعف النخل ، فرضي الله عنها وأرضاها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب