الحمد لله.
أولا:
إذا مات الإنسان وجب تقسيم تركته على ورثته، وحرم تأخير ذلك إلا برضى جميع الورثة.
ووجود أيتام لا يمنع من تقسيم التركة، لإعطاء غيرهم حقه، لا سيما الزوجة التي قد تستحي من المطالبة بالقسمة.
فالواجب على أبيك أن يقسم التركة ، ويعطي كل ذي حق حقه .
ومعلوم أن للزوجتين هنا الثمن، ولأبيك السدس، ولأمك السدس، والباقي لأولاد أخيك للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ بمن فيهم البنت التي ولدت بعد وفاته ، فشأنها شأن باقي أولاده ، ولا فرق.
وتقسيم البيت والسيارة يكون ببيعهما وتقسيم ثمنهما، أو بتقويمهما، ومن أخذ شيئا منهما دفع للبقية نصيبهم من هذه القيمة.
والزوجة تنفق على نفسها من مالها، أو ينفق عليها من تلزمه نفقته كأبيها، ولا يجوز منعها من إرثها ، بحجة النفقة عليها.
وأما الأيتام: فينفق عليهم من مالهم، فإن لم يكن لهم مال ، كانت نفقتهم على جدهم إن كان غنيا.
وينظر: جواب السؤال رقم : (111811) .
ثانيا:
الولاية على الأيتام في أموالهم، محل خلاف بين الفقهاء، فهي عند الحنفية: للأب، ثم لوصيه، ثم للجد - أبي الأب -، ثم لوصيه، ثم للقاضي.
وعند المالكية والحنابلة: للأب، ثم لوصيِّه، ثم للقاضي أو من يقيمه.
وعند الشافعية: للأب، ثم للجد، ثم لوصي الباقي منهما، ثم للقاضي أو من يقيمه.
والقول الرابع: أنّ الولاية على المال تثبت للأم بعد الأب والجد، ثمّ تكون للأقرب من العصبات بالنفس، وهو رواية عن أحمد، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية كما في " الإنصاف " (5/ 324)، ورجحه الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (9/ 305).
فكون الجد وليا على مال الأيتام: هو مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد، وهو مذهب الحنفية إذا لم يوجد وصي للأب.
ثالثا:
يجوز لمن يلي أمر الأيتام أن يأكل من مالهم بالمعروف، إن كان محتاجا؛ لقوله تعالى: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا. وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آَنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا النساء /5،6.
والفقهاء يقولون: له أن يأكل أقل الأمرين: أجرة مثله، أو قدر حاجته .
ومعنى ذلك : أنه إن كان عمله في مال اليتامى ، واجتهاده في حفظه وتنميته ، مما يستحق أجرة قدرها 100 مثلا، وكان محتاجا، وحاجته تقدر ب 90، فإنه يأخذ 90 فقط .
وينظر: جواب السؤال رقم : (186793) .
رابعا:
يجوز لولي الأيتام أن يخلط ماله بمالهم ، إن كان في ذلك مصلحة لهم، كما قال تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنْ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ البقرة/220 .
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (1/ 582): " قوله: قل إصلاح لهم خير أي: على حدة وإن تخالطوهم فإخوانكم أي: وإن خلطتم طعامكم بطعامهم وشرابكم بشرابهم، فلا بأس عليكم؛ لأنهم إخوانكم في الدين؛ ولهذا قال: والله يعلم المفسد من المصلح أي: يعلم مَنْ قصدُه ونيته الإفساد أو الإصلاح.
وقوله: ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم أي: ولو شاء لضيق عليكم وأحرجكم، ولكنه وسع عليكم، وخفف عنكم، وأباح لكم مخالطتهم بالتي هي أحسن، كما قال: ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن [الأنعام: 152]" انتهى.
وعليه :
فينبغي أن تنصح لوالدك، ليحذر من الأكل من مال الأيتام إلا بالمعروف، ويحذر بيع شيء منه إلا للنفقة عليهم، وهذا يستلزم تقسيم التركة، ومعرفة ما له، وما لهم، ، ومعرفة ما للزوجتين؛ لأنه لا يجوز له بيع شيء من مالهما إلا بعلمهما وإذنهما.
والله أعلم.
تعليق