الحمد لله.
أولا :
كتاب السنن أو الجامع للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي كتاب عظيم ، جمع فيه مؤلفه جملة من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ، مرتبة على الأبواب الفقهية .
ومصنفه إمام حافظ ثبت ، ولد سنة بضع ومائتين ، وتوفي سنة تسع وَسبعين وَمِائَتَيْنِ ، تتلمذ على يد الإمام البخاري رحمه الله .
قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (13/279) :" الحَافِظُ ، العَلَمُ ، الإِمَامُ ، البَارِعُ ، ابْنُ عِيْسَى السُّلَمِيُّ ، التِّرْمِذِيُّ الضَّرِيرُ ، مُصَنِّفُ (الجَامِعَ) ، وَكِتَابَ (العِلَلِ) ، وَغَيْرَ ذَلِكَ ". انتهى
وقال ابن خلكان في "وفيات الأعيان" (4/278) :" صنف كتاب الجامع والعلل تصنيف رجل متقن ، وبه كان يضرب المثل ، وهو تلميذ أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، وشاركه في بعض شيوخه ". انتهى
وكتابه "السنن" ، أو "الجامع" ، أحد أصول الإسلام ، ودواوينه العظام ، ملأه علما وفقها .
قال القاضي أبو بكر بن العربي في "عارضة الأحوذي" (1/5) :" وفيه أربعة عشر عِلْمًا فرائد:
صنف ، ودلل ، وأسند ، وصحّح ، وأشهر ، وعدّد الطُّرُق ، وجرّح وعدّل ، وأسمى وأكنى ، ووصل وقطع ، وأوضح المعمول به والمتروك ، وبيّن اختلاف العلماء في الرد والقبول ، وكل علم من هذه العلوم أصل في بابه ، وفرد في نصابه ". انتهى
ثانيا :
امتاز كتاب الترمذي بعدة أمور لا توجد في غيره ، ومن ذلك :
أولا : أنه جاء بالأحاديث التي عليها العمل عند أهل العلم ؛ ثم إنه بعد أن يروي الحديث يقول :" وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ " ، وأحيانا يقول :" وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ " ، وقد يقول :" وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ عَامَّةِ الفُقَهَاءِ " ، وأحيانا يقول :" وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ " ، وأحيانا يقول :" وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ ".
وقد اشترط الترمذي ألا يروي حديثا في كتابه إلا أن يكون معمولا به عند أهل العلم ، واستثنى هو حديثين رواهما وليس عليهما العمل .
قال الترمذي في "العلل" (5/736) :" جميع ما في هذا الكتاب من الحديث فهو معمول به ، وقد أخد به بعض أهل العلم ، ما خلا حديثين : حديث بن عباس :( أن النبي صلى الله عليه و سلم جمع بين الظهر والعصر بالمدينة ، والمغرب والعشاء ، من غير خوف ولا سفر ولا مطر ) ، وحديث النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال:( إذا شرب الخمر فاجلدوه ، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه ) ، وقد بينا علة الحديثين جميعا في الكتاب . انتهى
ثانيا : أنه يروي الحديث ثم يتبعه قائلا :" وفي الباب عن فلان وفلان " ، أي أنه يشير إلى الأحاديث المروية في نفس الباب عن الصحابة ، سواء كانت موافقة للحديث الذي رواه أم لا ، ولكنها في نفس الباب ، وهذه ميزة لعظيمة للفقيه حيث جمع له الترمذي أحاديث الباب .
وقد صنف الحافظ ابن حجر كتابا حول قول الترمذي " وفي الباب " . أسماه :" العجاب في تخريج ما يقول فيه الترمذي وفي الباب ". إلا أنه لم يكمله ، وكذلك هو مخطوط لم يطبع .
قال الحافظ السخاوي في "الجواهر والدرر" (2/666) وهو يعُد مصنفات الحافظ ابن حجر :" تخريج ما يقول فيه الترمذي: "وفي الباب". كتب مِنْ أوائله قدرَ ستة كراريس ، لو كمُلَ لجاء في مجلد ضخم ، سماه "العُجاب في تخريج ما يقول فيه الترمذي: "وفي الباب". انتهى
وكذلك صنف أحد المعاصرين وهو حسن بن محمد بن حيدر الوائليّ الصنعانيّ كتابا حافلا ، في ستة مجلدات ، أسماه :" نزهة الألباب في قول الترمذي وفي الباب ، وهو كتاب مطبوع .
ثالثا : أنه يذكر أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الأمصار ، فيُعد كتابه مصدرا فقهيا أصيلا يُرجع فيه لأقوال أهل العلم في المسائل الفقهية .
ومنهجه في ذلك أنه يذكر أقوال الصحابة واختلافهم بعد روايته للحديث ، ثم يذكر أقوال التابعين ومن بعدهم مثل محمد بن سيرين ، والأوزاعي ، والثوري ، وابن المبارك ، وكذلك يذكر قول أهل المدينة ، وقول أهل الكوفة ، ثم يذكر قول أئمة الفقه من أصحاب المذاهب ، خاصة مالك والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه رحمهم الله تعالى .
رابعا : أنه كتاب حديثي جمع فيه بين الرواية وعلل الحديث والحكم على الحديث ، فتراه يروي الحديث ، وقد يذكر الخلاف فيه ، ويذكر الراجح من الخلاف عند المحدثين كالبخاري وغيره ، وقد يرجح هو إحدى الطرق على غيرها ، وكذلك يذكر حكمه على الحديث بعد روايته له غالبا ، ومن ذلك أنه قد يقول :" وهذا حديث حسن صحيح " ، وقد يقول :" هذا حديث حسن " ، وقد يقول :" لَيْسَ بِإِسْنَادِهِ بَأْسٌ " ، وقد يقول :" حديث حسن غريب " ، وقد يقول :" وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ " ، وقد يقول :" لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالقَوِيِّ ".
خامسا : أنه أكثر من استعمال لفظ :" حديث حسن " ، حتى عده أهل العلم من مظان الحديث الحسن ، ومن أكثر من شهر هذا المصطلح ، مع أنه قاله قبله الإمام أحمد وعلي بن المديني والإمام البخاري ، لكن يعد هو من شهر هذا المصطلح وأكثر منه .
قال ابن الصلاح في "علوم الحديث" (ص20):" كتاب أبي عيسى الترمذي رحمه الله أصل في معرفة الحديث الحسن ، وهو الذى نوه باسمه ، وأكثر من ذكره في جامعه ، ويوجد في متفرقات من كلام بعض مشايخه والطبقة التي قبله كأحمد بن حنبل والبخاري وغيرها ، وتختلف النسخ من كتاب الترمذي في قول : هذا حديث حسن . أو : هذا حديث حسن صحيح ونحو ذلك . فينبغي أن تصحح أصلك به ، بجماعة أصول ، وتعتمد على ما اتفقت عليه ". انتهى
وقد بين الترمذي نفسه المراد بالحديث الحسن عنده ، وذلك في كتاب العلل الذي ألحقه بآخر السنن .
قال الترمذي في "العلل" (6/254) :" وما ذكرنا في هذا الكتاب حديث حسن فإنما أردنا به حسن إسناده عندنا ، كل حديث يروى لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ، ولا يكون الحديث شاذا ، ويروى من غير وجه نحو ذاك . فهو عندنا حديث حسن ". انتهى
وقد بين الحافظ ابن حجر معنى قول الترمذي فقال في "النكت على ابن اصلاح" (1/387) :" وأما الترمذي فلم يقصد التعريف بالأنواع المذكورة عند أهل الحديث ، بدليل أنه لم يعرف بالصحيح ولا بالضعيف بل ولا بالحسن المتفق على كونه حسنا ، بل المعرف به عنده وهو حديث المستور - على ما فهمه المصنف - لا يعده كثير من أهل الحديث من قبيل الحسن وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصورا على رواية المستور ، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ ، والموصوف بالغلط والخطأ ، وحديث المختلط بعد اختلاطه ، والمدلس إذا عنعن ، وما في إسناده انقطاع خفيف ، فكل ذلك عنده من قبيل الحسن بالشروط الثلاثة وهي:
1- أن لا يكون فيهم من يته بالكذب.
2- ولا يكون الإسناد شاذا.
3- وأن يروى مثل ذلك الحديث أو نحوه من وجه آخر فصاعدا .
وليس كلها في المرتبة على حد السواء ، بل بعضها أقوى من بعض .
ومما يقوي هذا ويعضده أنه لم يتعرض لمشروطية اتصال الإسناد أصلا ، بل أطلق ذلك ، فلهذا وصف كثيرا من الأحاديث المنقطعة بكونها حسانا ". انتهى
سادسا : أنه يتميز كذلك بسهولة الوصول للفائدة فيه .
فقد روى ابن نقطة في "التقييد" (ص98) بإسناده عن أبي إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري أنه قال :" كتاب أبي عيسى الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم !! قلت لم ؟ قال لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من يكون من أهل المعرفة التامة ، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه ، وبينها ، فيصل إلى فائدته كل أحد من الناس ، من الفقهاء والمحدثين وغيرهما ". انتهى
وقال ابن الأثير في "جامع الأصول" (1/193) :" وهذا كتابه الصحيح أحسن الكتب ، وأكثرها فائدة ، وأحسنها ترتيبًا ، وأقلها تكرارًا ، وفيه ما ليس في غيره: من ذكر المذاهب ، ووجوه الاستدلال ، وتبيين أنواع الحديث من الصحيح ، والحسن ، والغريب ، وفيه جرح وتعديل ، وفي آخره كتاب العلل ، قد جمع فيه فوائد حسنة لا يخفى قدرها على من وقف عليها ". انتهى
ثالثا :
أما عن مرتبته بين كتب السنن ، فمن أهل العلم من يقدمه على سنن أبي داود وسنن النسائي لحسن تبويبه وكثرة فوائده ، ومنهم من يؤخره عنهما .
إلا أن الراجح أنه يتأخر عن سنن النسائي وأبي داود .
قال الحازمي في "شروط الأئمة الخمسة" (ص 57) :" وفي الحقيقة شرط الترمذي أبلغ من شرط أبي داود ، لأن الحديث إذا كان ضعيفا أو مطلعه من حديث أهل الطبقة الرابعة ، فإنه يبين ضعفه وينبه عليه ، فيصير الحديث عنده من باب الشواهد والمتابعات ، ويكون اعتماده على ما صح عند الجماعة ، وعلى الجملة ؛ فكتابه مشتمل على هذا الفن فلهذا جعلنا شرطه دون شرط أبي داود ". انتهى
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (3/961) :" وَبِإِخْرِاجِ التِّرْمِذِيِّ لِحَدِيثِ المصلوب والكلبي وأمثالهما انْحَطَّتْ رُتْبَةٌ جَامِعَةٌ عَنْ رُتْبَةِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ، وَالنَّسَائِيِّ ". انتهى
وقال ابن حجر في "النكت على ابن الصلاح" (1/484) :" وفي الجملة فكتاب النسائي أقل الكتب بعد الصحيحين حديثا ضعيفا ، ورجلا مجروحا، ويقاربه كتاب أبي داود وكتاب الترمذي ، ويقابله في الطرف الآخر كتاب ابن ماجه ، فإنه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث ". انتهى
رابعا :
وأما عن رتبة أحاديث سنن الترمذي ، وما فيها من الصحيح والضعيف : فإنه من المعلوم أن الإمام الترمذي جمع في سننه بين الأحاديث الصحيحة ، والحسنة وهي أكثر ما في الكتاب ، وكذلك بعض الأحاديث الضعيفة ، بل وقليل من الأحاديث الموضوعة ، وقد أوردها في الفضائل ، وليس في الحلال والحرام .
بل إنه نص في كتاب "العلل" على أنه سيذكر بعض الأحاديث المعلة في كتابه السنن .
قال الترمذي في "العلل" (1/738) : " وما كان فيه من ذكر العلل في الأحاديث والرجال والتاريخ فهو ما استخرجته من كتب التاريخ ، وأكثر ذلك ما ناظرت به محمد بن إسماعيل ، ومنه ما ناظرت به عبد الله بن عبد الرحمن وأبا زرعة ، وأكثر ذلك عن محمد ، وأقل شيء فيه عن عبد الله وأبي زرعة ، ولم أر أحدا بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد كثير أحد أعلم من محمد بن إسماعيل .
قال أبو عيسى : وإنما حملنا على ما بينا في هذا الكتاب من قول الفقهاء ، وعلل الحديث ؛ لأنا سئلنا عن هذا فلم نفعله زمانا ، ثم فعلناه لما رجونا فيه من منفعة الناس ". انتهى
وها هو يروي بعض الأحاديث ثم يضعفها بنفسه ، فتراه يقول بعد روايته بعض الأحاديث :" هَذَا حَدِيثٌ لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ الْقَائِمِ " ، مثاله كما في حديث رقم (37) ، و (2802) ، وربما قال :" هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ " ، ومثاله كما في حديث رقم (54) .
بل قد يأتي بتبويب على مسألة ما ، ثم يروي فيها حديثا أو حديثين ، ثم يقول :" وَلاَ يَصِحُّ فِي هَذَا البَابِ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ " ، ومثاله كما في قوله :" بَابُ مَا جَاءَ مِنْ كَمْ تُؤْتَى الجُمُعَةُ ".
قال ابن طاهر القيسراني في "شروط الأئمة الستة" (ص21) :" وأما أبو عيسى رحمه الله فكتابه على أربعة أقسام :
قسم صحيح مقطوع به ، وهو ما وافق فيه البخاري ومسلم .
وقسم على شرط الثلاثة ، دونهما ؛ كما بينا .
وقسم أخرجه للضدية ، وأبان عن علته ولم يغفله .
وقسم رابع أبان هو عنه فقال : ما أخرجت في كتابي إلا حديثا قد عمل به بعض الفقهاء .
وهذا شرط واسع ؛ فإن ، على هذا الأصل : كل حديث احتج به محتج ، أو عمل بموجبه عامل: أخرجه ، سواء صح طريقه ، أو لم يصح طريقه !
وقد أزاح عن نفسه الكلام ، فإنه شفى في تصنيفه لكتابه ، وتكلم على كل حديث بما يقتضيه ، وكان من طريقته أن يترجم الباب الذي فيه حديث مشهور ، عن صحابي قد صح الطريق إليه ، وأُخرج من حديثه في الكتب الصحاح ، فيورد في الباب ذلك الحكم من حديث صحابي آخر لم يخرجوه من حديثه ، ولا تكون الطرق إليه كالطريق الأول ، وإن كان الحكم صحيحا ، ثم يتبعه بأن يقول : وفي الباب عن فلان وفلان ، ويعد جماعة فيهم ذلك الصحابي المشهور وأكثر ، وقلما يسلك هذه الطريقة إلا في أبواب معدودة ". انتهى
وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (6/617) :" وكتابه الجامع يدلّ على تبحُّرهِ فِي هَذَا الشأن ، وَفِي الفقه ، واختلاف العلماء.
ولكنّه يترخَّص في التصحيح والتَّحسين ، ونَفَسُه فِي التخريج ضعيف ... وكتابه من الُأصُول السّتّة الّتي عليها العقد والحلّ ، وَفِي كتابه ما صحّ إسناده ، وما صلح ، وما ضُعِّف ولم يُترَك ، وما وهى وسقط ، وهو قليل يوجد فِي المناقب وغيرها.
وقد قَالَ: ما أخرجت فِي كتابي هَذَا إلّا حديثًا قد عمل به بعض الفقهاء.
قلت ( أي الذهبي ): يعني فِي الحلال والحرام. أمّا فِي سوى ذلك ففيه نظر وتفصيل.
وقد أطلق عليه الحاكم ابن البيع الجامع الصحيح ، وهذا تجوُّز من الحاكم ، وكذا أطلق عليه أبو بَكْر الخطيب اسم الصّحيح ". انتهى
وقال الحافظ ابن كثير في " اختصار علوم الحديث " (ص 32) : " وكان الحاكم أبو عبد الله والخطيب البغدادي يسميان " كتاب الترمذي ": " الجامع الصحيح "، وهذا تساهل منهما ، فإن فيه أحاديث كثيرة منكرة ". انتهى
وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (13/274) :" فِي الجَامِعِ عِلْمٌ نَافِعٌ ، وَفَوَائِدُ غَزِيْرَةٌ ، وَرُؤُوْسُ المَسَائِلِ ، وَهُوَ أَحَدُ أُصُوْلِ الإِسْلاَمِ ، لَوْلاَ مَا كَدَّرَهُ بِأَحَادِيْثَ وَاهِيَّةٍ ، بَعْضُهَا مَوْضُوْعٌ ، وَكَثِيرٌ مِنْهَا فِي الفَضَائِلِ ". انتهى
هذا وقد قام الشيخ الألباني بتحقيق سنن الترمذي ، وقسمه إلى "صحيح سنن الترمذي" ، و"ضعيف سنن الترمذي" ، وقد حكم فيه على (19) حديثا بالوضع .
وأما ما رواه ابن نقطة في "التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد" (1/79) من طريق أبي علي منصور بن عبد الله بن خالد بن احمد بن خالد بن حماد الذهلي قال : قال أبو عيسى محمد بن عيسى الترمذي رحمه الله : صنفت هذا الكتاب يعني المسند الصحيح فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به ، وعرضته على علماء العراق فرضوا به ، وعرضته على علماء خراسان فرضوا به ، ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما كان في بيته نبي يتكلم ". انتهى
فهذا لا يصح إسناده ، فيه كذاب ، وهو منصور بن عبد الله بن خالد ، ترجم له الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (15/97) ، وقال :" أنبأنا أبو سعد الماليني ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو سعد عبد الرحمن بن محمد الإدريسي ، قَالَ: منصور بن عبد الله الهروي كذاب لا يعتمد على روايته ". انتهى ، وقال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" :" غير ثقة ". انتهى
وهذا النقل عن الترمذي : ضعفه الشيخ الألباني في مقدمة "ضعيف سنن الترمذي" (ص19) .
وفي الجملة فكتاب سنن الترمذي كتاب جامع نافع ، مليء بالفوائد ، إلا أنه ينبغي ألا يقرأ فيه إلا من نسخة محققة الأحاديث ، ليعرف القارئ صحيحه من ضعيفه ، وحبذا لو قرأ شرحا له مع أصل الكتاب .
ومن أحسن شروحه المطبوعة الكاملة ، كتاب " عارضة الأحوذي" للقاضي أبي بكر بن العربي ، وكتاب "تحفة الأحوذي" للحافظ المباركفوري . والله أعلم
تعليق