الحمد لله.
أولا:
فصل العجول عن أمهاتها ، وإن كان فيه مشقة على الأمهات إلا أنه لا يحرم هذا التصرف؛ لأن فيه منفعة مشروعة، وإذا جاز فصله عن أمه بالذبح ، للانتفاع بلحمه ، كما سبق بيانه في الفتوى رقم (129231) ؛ فجواز فصله بالإبعاد أولى.
سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء":
" نعيش في الصحراء بقطعان من الأغنام من ضأن وماعز، ولكن كما هو معروف عند البادية أن الماعز معروف بالأذى، وصغار الماعز تؤذي أمهاتها، وذلك بأنها ترضع منها باستمرار، ومن مخافتنا على الحليب من جهة، وعلى أم الصغير من الضعف من جهة أخرى، نضع في فم الصغير عودا ...
فأجابت: لا يجوز وضع العود المذكور في فم صغار الغنم، ويمكنكم عزل الصغار عن أمهاتها.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (26 / 156).
وأمّا حديث عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: " كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَانْطَلَقَ لِحَاجَتِهِ فَرَأَيْنَا حُمَرَةً مَعَهَا فَرْخَانِ فَأَخَذْنَا فَرْخَيْهَا، فَجَاءَتِ الْحُمَرَةُ فَجَعَلَتْ تَفْرِشُ، فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ فَجَعَ هَذِهِ بِوَلَدِهَا؟ رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا " رواه أبو داود (2675) وصححه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1 / 64).
فهذا الحديث لا يصلح أن يستدل به على تحريم فصل العجول عن أمهاتها ، لأجل منفعة معقولة ومشروعة.
لأن صيد الطيور مباح في الأصل، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم برد الفرخين:
إما على سبيل الندب.
قال الملا علي القاري رحمه الله تعالى:
" ( رُدُّوا وَلَدَهَا إِلَيْهَا ) الأمر للندب؛ لأن اصطياد فرخ الطائر جائز " انتهى. "مرقاة المفاتيح" (7 / 107).
وإما لأن هذا التصرف لم يكن فيه منفعة تذكر؛ لأن الفرخين صغيران ، فلا يصلحان كطعام، ولا يمكن تربيتهما لحاجتهما إلى أمهما في التغذية، ويصعب الاعتناء بها وهم على سفر، فالمفسدة هنا أرجح من المنفعة.
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله تعالى:
" ذكر بعض محققي مشايخنا أن أمره صلى الله عليه وسلم بإطلاقه محمول على خوف تلفه، بسبب حبسها عنه " انتهى من "الفتاوى الفقهية الكبرى" (4 / 250).
والله أعلم.
تعليق