الحمد لله.
أولاً:
تكبيرات الانتقال ينبغي أن تكون مصاحبة للتحرك والانتقال في الصلاة، فلا يكبر الإنسان قبل أن يرفع، ولا بعد أن يرفع، بل تكون التكبيرة مقارنة للفعل؛ لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، حيث قال: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ ، ثُمَّ يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ ، ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْد ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الصَّلاةِ كُلِّهَا حَتَّى يَقْضِيَهَا ، وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ" رواه البخاري (789)، ومسلم (392).
وينظر جواب السؤال: (82627).
ثانياً:
هل يكون التكبير عند القيام للركعة الثانية أو الرابعة قبل أن يجلس للاستراحة أو بعدها ؟ قولان للعلماء .
فبعض العلماء قالوا: إن التكبير يكون عند الرفع من السجود ، ثم يقوم بعد جلسة الاستراحة دون تكبير.
قال ابن قدامة:
"يستحب أن يكون ابتداء تكبيره مع ابتداء رفع رأسه من السجود، وانتهاؤه عند اعتداله قائما، ليكون مستوعبا بالتكبير جميع الركن المشروع فيه وعلى هذا بقية التكبيرات.
إلا من جلس جلسة الاستراحة؛ فإنه ينتهي تكبيره عند انتهاء جلوسه، ثم ينهض للقيام بغير تكبير.
وقال أبو الخطاب: ينهض مكبرا، وليس بصحيح ، فإنه يفضي إلى أن يوالي بين تكبيرتين في ركن واحد لم يرد الشرع بجمعهما فيه" انتهى من "المغني" (1/604) .
والقول الثالث : أنه يرفع من السجود بدون تكبير، والتكبير يكون عند النهوض من جلسة الاستراحة للقيام .
قال الحافظ ابن حجر :
"حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يكبر في كل خفض ورفع: تقدم.
واستدل به الرافعي على أنه يكبر في جلسة الاستراحة، فيرفع رأسه من السجود غير مكبر، ثم يبتدئ التكبير جالسا، ويمده إلى أن يقوم" انتهى من "التلخيص الحبير" (1/625).
وانظر الوجوه الثلاثة في الجلسة والتكبير لها: في "المجموع شرح المهذب" (3/419-420).
والأرجح أن يكون التكبير عند الرفع من السجود وهو اختيار الشيخ ابن عثيمين ، قال رحمه الله: "إذا كان الإنسان محتاجا فيجلس جلسة مستقرة ثم يقوم, وإذا قام فإنه يقوم بلا تكبير, يكبر عند النهوض من السجود فقط" انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" اللقاء (111) .
ولكن الأمر في هذه المسألة واسع ، ما دام المصلي يكبر قبل أن يستتم قائما ؛ فإذا كبّر قبل الاستراحة أو بعدها فلا حرج.
وعليه؛ فلا إشكال فيما صليت قبل ذلك، وكنت تؤخرين التكبير إلى نهوضك من الجلسة، فهو أحد قولين معتبرين في كيفية النهوض منها، والتكبير فيها.
ولأجل سعة الأمر في المسألة، مال الشيخ ابن عثيمين إلى أن الإمام الذي يجلس للاستراحة: يكبر بعد الاستراحة، وذلك حتى لا يسبقه المأمومون الذين لا يرونه .
فقد سئل رحمه الله :
متى يكبر الإمام إذا كان جالسا للاستراحة, هل في حال الجلوس أم إذا شرع في القيام؟
فأجاب : "إذا شرع في النهوض من السجود يكبر ، ولو جلس إذا كان إماما = هذا ربما نقول: يرجح أن يكون تكبيره إذا قام" انتهى من "لقاءات الباب المفتوح" ص(206) .
وسئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
متى يقول: (الله أكبر) عند السجدة الأخيرة إذا كان إماماً؟ هل هي عندما يرفع رأسه من السجود، أو عندما يقوم من الاستراحة القصيرة -إذا صحت عندكم-؟ حيث إنه إذا كبر عند ما يرفع رأسه من السجدة ويقعد فسيقوم المأمومون على طول؟
فأجاب :
"الأقرب والله أعلم: أنه يفعل ذلك عند قيامه من الجلسة؛ إذا قام من الجلسة كبر، حتى يقوم الناس بعده، وحتى لا يسابقوه؛ يجلس قليلاً، ثم ينهض مكبراً" انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (8/ 331)
والله أعلم .
تعليق