الحمد لله.
لا نعلم في السنة الصحيحة أن رجلا واعد النبي صلى الله عليه وسلم فنسي موعده ، فانتظره صلى الله عليه وسلم من الظهر إلى المغرب ، ثم جاء الرجل معتذرا ، فهذا لا نعلم له أصلا ، ولم نجد شيئا من ذلك أو معناه في شيء من كتب أهل السنة ، ولا نعلم أحدا ممن صنف في السيرة ذكر شيئا من ذلك .
والمعروف في هذا الباب: ما رواه أبو داود (4996) ، والبيهقي (20835) والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (193) من طريق عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْحَمْسَاءِ، قَالَ:
بَايَعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَيْعٍ ، قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ ، وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ ، فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ، فَنَسِيتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فَقَالَ:
يَا فَتًى لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ
وهذا حديث ضعيف، قال ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (2/ 239) : " هذا حديث لا يصح " ، وقال العراقي في "تخريج الإحياء" " اخْتلف فِي إِسْنَاده " ، وضعفه الألباني في "ضعيف أبي داود" .
وعلته عبد الكريم هذا ، فإنه مجهول .
ينظر: "تهذيب التهذيب" (6/ 373)، "لسان الميزان" (7/ 290)
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان معروفا بصدق الوعد وعدم إخلافه ، وكذلك أصحابه رضي الله عنهم ، ويبعد أن يتواعد النبي صلى الله عليه وسلم ورجل من أصحابه ، فينسى صاحبه موعده ، فهذا لا يعرف عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم .
والقصة المذكورة أشبه باختراعات القصاص والمُذَكِّرين ، فينبغي الانتباه لمثل ذلك ، والحذر من نشره وإذاعته بين الناس .
والله أعلم .
تعليق