الحمد لله.
أولا:
حمض الليمون أو ملح الليمون أو حمض الستريك، منه ما هو طبيعي يستخلص من النباتات الحمضية، ومنه ما يصنع عن طريق التخمير، باستخدام بعض أنواع الفطريات، والتي تعرف باسم ASPERGILLUS NIGER، بالإضافة إلى أنواع محددة من البكتيريا، توضع على بعض المواد السكرية، كالمولاس أو الفركتوز أو السكروز، حتى يصل إلى حمض تركيزه 1-2%
وينظر في طريقة تصنيعه هذا الرابط
ثانيا:
على فرض مرور التصنيع بمرحلة يكون فيها المائع مسكرا، أو مخالطا لمسكر (الإيثانول)، فإن هذا لا يمنع من استعمال المنتج الأخير الذي لا إسكار فيه، وهذا شبيه بمسألة تحويل الخمر إلى خل، والمرجح عندنا أنه لا يجوز فعل ذلك، لكن لو فعله من يعتقد جوازه، جاز لنا تناول هذا الخل.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "المشهور من المذهب: أنها إِذا خُلِّلَتْ لا تطهُر، ولو زالت شدَّتُها المسكرة... لأن زوال الإِسكار كان بفعل شيء محرَّم، فلم يترتَّب عليه أثره. وقال بعض العلماء: إِنها تطهُر، وتحلُّ بذلك، مع كون الفعل حراماً، وعلّلوا: أنَّ عِلَّة النَّجاسة الإسكار، والإِسكار قد زال، فتكون حلالاً.
وقال آخرون: إِنْ خلَّلها مَنْ يعتقدُ حِلَّ الخمر كأهل الكتاب؛ اليهود والنَّصارى، حَلَّت، وصارت طاهرة، وإِن خلَّلها مَنْ لا تَحِلُّ له فهي حرام نجسة، وهو أقرب الأقوال، وعلى هذا يكون الخلُّ الآتي من اليهود والنَّصارى حلالاً طاهراً، لأنهم فعلوا ذلك على وجه يعتقدون حِلَّه." انتهى من " الشرح الممتع" (1/433) بتصرف.
وقال أيضاً: " لكن لو خلَّله من يعتقد حِلَّ التخليل، من مسلم أو كافر، فهل يحل؟
الصحيح أنه يحل؛ لأن هذا انقلب خلاًّ على وجه مباح، فصار مباحاً، وعلى هذا فالخل الوارد من بلاد الكفار يكون حلالاً للمسلمين؛ وإن كان مخللاً بفعل آدمي، لأنه مخلل بفعل آدمي يعتقد تحليله " انتهى من" الشرح الممتع" (10 / 182).
وعند الشافعية أن الخل المصنوع من الخمر حلال، لأن عصيرها لم يقصد به "الخمرية"، وإنما مر بمرحلة التخمر – الإسكار – من غير قصد عاصرها.
قال النووي رحمه الله تعالى:
" الخمر نوعان.
أحدهما: محترمة، وهي التي اتخذ عصيرها ليصير خلا، وإنما كانت محترمة؛ لأن اتخاذ الخل جائز بالإجماع، ولا ينقلب العصير إلى الحموضة إلا بتوسط الشدة، فلو لم يحترم وأريق في تلك الحال، لتعذر اتخاذ الخل." انتهى من "روضة الطالبين" (4 / 72).
ولأن الأعمال منوطة بالنيات، فالتخمر الحاصل أثناء التصنيع غير مقصود، وإنما المقصود هو الخل.
قال ابن العطار رحمه الله تعالى:
"إنما يقع التحريم فيه إذا عصر لقصد الخمرية، أما إذا عصر لقصد الخليّة، فالتحريم فيه حال كونه خمرا، أما في حال عصره، فلا يحرم؛ حيث لم يسكر، ولم يقصد بعصره الخمرية، وأما في حال كونه يصير خلا؛ فلأنه قصد بعصره له دون الخمرية. وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (نعم الإدام الخل)، ولو كان حراما، لم يقل ذلك؛ حيث إنه لا يتصور وجود خل إلا بعد تخميره." انتهى من"العدة في شرح العمدة" (3 / 1647).
ومثل هذا يقال في عصير الليمون المذكور، ونحوه، مما يمر بمرحلة التخمر، ثم تزول عنه صفة الإسكار، ويتحول إلى مشروب آخر غير مسكر، عند بيعه واستهلاكه.
ولا يخفى ما في مذهب الشافعية من التوسعة والتيسير.
والحاصل:
جواز استعمال ملح أو حامض الليمون، سواء كان طبيعيا، أو صناعيا.
والله أعلم.
تعليق