السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حكم التأذين قبل الفجر ثلاث مرات

286919

تاريخ النشر : 09-03-2018

المشاهدات : 17985

السؤال

ما حكم الأذان ثلاث مرات قبل صلاة الفجر ، وقول في آخر الأذان "الصلاة خير من النوم " كما نفعل في بلدنا غانا ؟

الجواب

الحمد لله.

شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة الفجر أذانين ، الأول منهما يكون قبل وقت الفجر ؛ لتنبيه الناس على قرب طلوع الفجر ، فيستيقظ النائم ، ويصلي الوتر من لم يكن صلاه ، ويتسحر من يريد الصيام.

والأذان الثاني : يكون بعد طلوع الفجر ، فهو إعلام للناس بدخول وقت الصلاة . وهو الذي يقال فيه : الصلاة خير من النوم .

ودليل هذا ما جاء عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: " كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنان ، بلال وابن أم مكتوم الأعمى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إِنَّ بِلاَلاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ) " رواه البخاري (623) ، ومسلم (1092) .

قال النووي رحمه الله في "شرحه على مسلم "(7/202) :

"وفيه استحباب أذانين للصبح : أحدهما قبل الفجر ، والآخر : بعد طلوعه أول الطلوع" انتهى.

وأما الزيادة في الأذان أكثر من ذلك سواء في الفجر أو غيرها ، فقد رخص فيه أهل العلم ، لا سيما إذا دعت الحاجة لذلك .

قال الإمام الشافعي :

"أُحِبُّ أَنْ يُقْتَصَرَ فِي الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّا، إنَّمَا حَفِظْنَا أَنَّهُ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَانِ .

وَلَا يَضِيقُ أَنْ يُؤَذِّنَ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ .

فَإِنْ اُقْتُصِرَ فِي الْأَذَانِ عَلَى وَاحِدٍ : أَجْزَأَهُ ...

وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ ، وَلَا يُؤَذِّنُ جَمَاعَةٌ مَعًا" .

انتهى من "الأم" (1/103) .

وقال الشيرازي في "المهذب" :

"وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ لِلْجَمَاعَةِ اثْنَيْنِ ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ ، بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا .

فَإِنْ احْتَاجَ إلَى الزِّيَادَةِ : جَعَلَهُمْ أَرْبَعَةً ، لِأَنَّهُ كَانَ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَرْبَعَةٌ .

وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ، كَمَا فَعَلَ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ أبلغ في الإعلام" انتهى من "المجموع شرح المهذب" (3/123) .

وقال ابن قدامة :

"وَإِذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ؛ وَكَانَ الْوَاحِدُ يُسْمِعُ النَّاسَ، فَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ ، لِأَنَّ مُؤَذِّنِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَحَدُهُمَا يُؤَذِّنُ بَعْدَ الْآخَرِ.

وَإِنْ كَانَ الْإِعْلَامُ لَا يَحْصُلُ بِوَاحِدٍ، أَذَّنُوا عَلَى حَسَبِ مَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ .

أَمَّا أَنْ يُؤَذِّنَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي مَنَارَةٍ أَوْ نَاحِيَةٍ، أَوْ دَفْعَةً وَاحِدَةً فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ: قَالَ أَحْمَدُ : إنْ أَذَّنَ عِدَّةٌ فِي مَنَارَةٍ فَلَا بَأْسَ .

وَإِنْ خَافُوا مِنْ تَأْذِينِ وَاحِدٍ بَعْدَ الْآخَرِ فَوَاتَ أَوَّلِ الْوَقْتِ : أَذَّنُوا جَمِيعًا ، دَفْعَةً وَاحِدَةً" انتهى من "المغني" (1/311) .

قال الشيخ ابن عثيمين في"التعليق على الكافي" :

"قوله  "ولا بأس أن يؤذن اثنان أحدهما بعد الآخر" : ظاهره أنهم لو اجتمعوا فإنه فيه بأس ، لأنهم يقولون إن اجتماعهم لا فائدة منه ، لكن إذا كانوا واحداً بعد واحد ، فالذي لم يسمع الأول يسمع الثاني ، أما أن يؤذنوا بصوت واحد فلا فائدة من ذلك .

وهذا في المسجد الواحد صحيح ؛ أن يؤذن اثنان بصوت واحد : هذا لا وجه له ، ولا داعي له ، إلا أن يكون المسجد واسعاً وله جهات واسعة ، بحيث يؤذن هذا بالجهة الشمالية ، والثاني في الجنوبية ، ليسمع الشمالي أهل الشمال ، والجنوبي أهل الجنوب ، فهذا نعم ، لا بأس به .

والمهم أنه إذا لم تدعُ الحاجة إلى التعدد : فإنه لا حاجة إليه" انتهى .

والذي ينبغي .. أنه إذا كان المؤذن يؤذن في مكبر الصوت ، ويصل صوته إلى الحي الذي يؤذن له ، فالأفضل الاقتصار على أذانين فقط ، كما هي السنة .

أما إذا كان الصوت ضعيفا ، أو كان الحي كبيرا .. فلا حرج من زيادة أذان ثالث .

وأيا ما كان الحال : فالأمر في ذلك واسع إن شاء الله ، كما رأينا كلام أهل العلم فيه ، ولا ينبغي أن يكون في ذلك نزاع ولا شقاق بين المسلمين ، بل ينبغي التطاوع ، والتشاور ، والتصالح بين المسلمين في المكان ، والنظر فيما هو أنفع لهم ، وأتبع للسنة ، وأجمع لقلوب عامة المسلمين.  

ومراعاة الألفة واجتماع القلوب ، وترك الشحناء : مقصد شرعي عظيم ، ينبغي تقديمه ، والعناية به .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب