الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

صفة البراق الذي ركبه النبي عليه الصلاة والسلام ليلة الإسراء

289763

تاريخ النشر : 25-10-2018

المشاهدات : 198678

السؤال

ما هو الوصف الصحيح لبراق الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ وهل كان له أجنحة ؟

ملخص الجواب

لم يثبت أن البراق كان له جناحان ، وعلم ذلك عند الله تعالى ، ولا حاجة بنا إلى تكلف علم شيء ، لم يبين لنا في الوحي الثابت ، ولا تتعلق بمعرفته منفعة في دين ، ولا بجهله : ضياع فضيلة ، ولا رغيبة .  

الجواب

الحمد لله.

أولا:

" البراق " هو الدابة التي ركبها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج ، قال النووي رحمه الله :

" قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ: الْبُرَاقُ: اسْمُ الدَّابَّةِ الَّتِي رَكِبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ، قَالَ ابن دُرَيْدٍ: اشْتِقَاقُ الْبُرَاقِ مِنَ الْبَرْقِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، يَعْنِي لِسُرْعَتِهِ، وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ صَفَائِهِ وَتَلَأْلُئِهِ وَبَرِيقِهِ، وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ أَبْيَضَ ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِلُ أَنَّهُ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَوْنِهِ ذَا لَوْنَيْنِ، يُقَالُ شَاةٌ بَرْقَاءُ، إِذَا كَانَ فِي خِلَالِ صُوفِهَا الْأَبْيَضِ طَاقَاتٌ سُودٌ، قَالَ: وَوُصِفَ فِي الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ أَبْيَضُ، وَقَدْ يَكُونُ مِنْ نَوْعِ الشَّاةِ الْبَرْقَاءِ، وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي الْبِيضِ " .

انتهى من "شرح النووي على مسلم" (2/ 210) .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:

" وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يكون مشتقا، قَالَ ابن أَبِي جَمْرَةَ: خُصَّ الْبُرَاقُ بِذَلِكَ إِشَارَةً إِلَى الِاخْتِصَاصِ بِهِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مَلَكَهُ، بِخِلَافِ غَيْرِ جِنْسِهِ مِنَ الدَّوَابِّ، قَالَ: وَالْقُدْرَةُ كَانَتْ صَالِحَةً لِأَنْ يَصْعَدَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ بُرَاقٍ، وَلَكِنْ رُكُوبَ الْبُرَاقِ كَانَ زِيَادَةً لَهُ فِي تَشْرِيفِهِ، لِأَنَّهُ لَوْ صَعِدَ بِنَفْسِهِ لَكَانَ فِي صُورَةِ مَاشٍ، وَالرَّاكِبُ أَعَزُّ مِنَ الْمَاشِي " انتهى من "فتح الباري" (7/ 206)

ثانيا:

ورد وصف البراق الذي ركبه النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين ، فروى البخاري (3207)، ومسلم (162)، واللفظ لمسلم، عنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ، وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ ، طَوِيلٌ ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ ) .

قَالَ: ( فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ ) ، قَالَ: ( فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ).

وعند ابن خزيمة (301): ( يَقَعُ خُطَاهُ أَقْصَى طَرْفِهِ ) .

والمعنى: يَضَعُ رِجْلَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى ما يرى بَصَره.

"فتح الباري" (7/ 206) .

وعَنْ أَنَسٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالبُرَاقِ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ ، مُلْجَمًا ، مُسْرَجًا، فَاسْتَصْعَبَ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ( أَبِمُحَمَّدٍ تَفْعَلُ هَذَا؟ فَمَا رَكِبَكَ أَحَدٌ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْهُ ) قَالَ: " فَارْفَضَّ عَرَقًا ".

وصححه الألباني في "صحيح الترمذي".

وهذا مع قوله : ( فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ ) يدل على أنه كان يركبه الأنبياء قبل نبينا ، صلى الله عليهم وسلم .

قال الحافظ ابن حجر :

" وللنسائي وابن مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي مَالِكٍ عَنْ أَنَسٍ ، وفيه: ( وَكَانَتْ تُسَخَّرُ لِلْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ ) . وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عِنْد ابن إِسْحَاقَ .

وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْبُرَاقَ كَانَ مُعَدًّا لِرُكُوبِ الْأَنْبِيَاءِ، خِلَافًا لِمَنْ نَفَى ذلك "

وحاصل ذلك :

أن البراق: دَابَّةٌ أَبْيَضُ ، طَوِيلٌ ، فَوْقَ الْحِمَارِ، وَدُونَ الْبَغْلِ، يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، له لجام ، وسراج، كانت تركبه الأنبياء عليهم السلام.

وروى الطبراني في "الكبير" (9976) ، وأبو يعلى في "مسنده" (5036) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِالْبُرَاقِ ، فَرَكِبَهُ هُوَ وَجِبْرِيلُ صَلَّى الله عَلَيْهِمَا، فَسَارَ بِهِمَا، فَكَانَ إِذَا أَتَى عَلَى جَبَلٍ ارْتَفَعَتْ رِجْلَاهُ، وَإِذَا هَبَطَ ارْتَفَعَتْ يَدَاهُ ... ).

وفي إسناده أبو حمزة الأعور، وهو متروك الحديث، قال الإمام أحمد : متروك الحديث ، وقال ابن معين: ليس بشيء لا يكتب حديثه، وقال الجوزجاني والدارقطني: ضعيف جدا، وقال البخاري : ضعيف ذاهب الحديث، وقال النسائي ليس بثقة.

"تهذيب التهذيب" (10/ 353)

وقال الألباني في "ضعيف الجامع" (131) عن هذا الحديث: " ضعيف جدا .

ثالثا :

لم يثبت في حديث ، لا مرفوع ولا موقوف – فيما علمنا – أن البراق كان له جناحان ، وإنما ورد ذكر ذلك في بعض الأخبار التي لا يحتج بها لضعف أسانيدها .

قال الحافظ في "الفتح" (7/ 206): " وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِ سَعْدٍ عَنِ الْوَاقِدِيِّ بِأَسَانِيدِهِ: ( لَهُ جَنَاحَانِ ) وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ " انتهى .

والواقدي -واسمه محمد بن عمر- : كذبه الإمام أحمد وغيره ، وقال أبو داود لا أكتب حديثه ، ولا أحدث عنه ، ما أشك أنه كان يفتعل الحديث . وقال بندار ما رأيت أكذب منه.

وقال إسحاق بن راهويه هو عندي ممن يضع الحديث .

راجع : "تهذيب التهذيب" (9 /323-326)

ورواه الثعلبي في "تفسيره" (6/ 56) من حديث ابن عباس مرفوعا، ولفظه:

" فإذا أنا بالبراق، دابة فوق الحمار، ودون البغل، خدّه كخد الإنسان، وذنبه كذنب البعير، وعرفه كعرف الفرس، وقوائمه كقوائم الإبل، وأظلافه كأظلاف البقر، وصدره كأنه ياقوتة حمراء، وظهره كأنه درة بيضاء، عليه رحل من رحائل الجنة، وله جناحان في فخذيه، يمر مثل البرق، خطوة منتهى طرفه "

وفي إسناده محمد بن السائب ، وهو أبو النضر الكلبي الكوفى المفسر ، وهو ضاع مشهور .

قال سفيان : قال لي الكلبي : كل ما حدثتك عن أبي صالح فهو كذب .

وقال أحمد بن زهير: قلت لأحمد بن حنبل: يحل النظر في تفسير الكلبى ؟ قال: لا.

وقال ابن حبان: مذهبه في الدين ، ووضوح الكذب فيه : أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه . يروى عن أبي صالح عن ابن عباس التفسير ، وأبو صالح لم ير ابن عباس ، ولا سمع الكلبى من أبي صالح إلا الحرف بعد الحرف ، لا يحل ذكره في الكتب، فكيف الاحتجاج به .

"ميزان الاعتدال" (3 /557 -559)

وأورد ابن الجوزي في "الموضوعات" (1/ 288) ، حديثا مطولا ، وفيه :

( سَخَّرَ الله لِيَ الْبُرَاق ، خير من الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا، وَهِيَ دَابَّةٌ مِنْ دَوَابِّ الْجَنَّةِ ، وَجْهُهُ كَوَجْهِ آدَمِيٍّ، حوافيره كحوافر الْخَيل، وذنبها كذب الْبَقَرَةِ، فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ، سرْجُهُ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَرِكَابُهُ مِنْ دُرٍّ أَبْيَضَ مَزْمُومٌ بِسَبْعِينَ أَلْفَ زِمَامٍ مِنَ الذَّهَبِ، لَهَا جَنَاحَانِ مُكَلَّلانِ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ )

وقال ابن الجوزي :

" هَذَا حَدِيثٌ لَا نَشُكُّ فِي وَضْعِهِ، فَمَا أَجْهَل وَاضعه ، وَمَا أرك لَفظه وأبرده، وَلَوْلَا أَنِّي أتهم بِهِ غُلَام خَلِيل ، فَإِنَّهُ عَامي كَذَّاب ؛ لَقلت إِن وَاضعه قصد شين الْإِسْلَام بِهَذَا الحَدِيث " انتهى .

والله تعالى أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب