الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حكم عمل وليمة عند خروج المرأة من عدة الوفاة

291738

تاريخ النشر : 27-10-2018

المشاهدات : 93442

السؤال

في بلدي عند خروج المرأة المتوفي عنها زوجها من العدة في اليوم الذي يلي آخر يوم من إتمام العدة ، تقوم المرأة أو أهل بيتها بإعداد ما لذ وطاب من الطعام والمأكولات والشروبات ، وتدعو الجيران والأقارب والأصدقاء للحضور في ذلك اليوم لتناول ذلك الطعام ، وأيضا حتى تظهر للناس أنها قضت عدتها ، فهل هذا الفعل جائز شرعا؟

الجواب

الحمد لله.

لا حرج في إقامة المرأة وليمة بمناسبة انقضاء عدتها، لدخوله فيما يصنع للمناسبات السارة، كقدوم الغائب ، وختان المولود، والأصل إباحة ذلك، ويؤجر عليه فاعله لو قصد شكر الله تعالى، وإطعام إخوانه، وإدخال السرور عليهم.

قال ابن قدامة رحمه الله: "(ودعوة الختان لا يعرفها المتقدمون، ولا على من دعي إليها أن يجيب، وإنما وردت السنة في إجابة من دعي إلى وليمة تزويج) يعني بالمتقدمين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين يقتدى بهم؛ وذلك لما روي أن عثمان بن أبي العاص، دعي إلى ختان، فأبى أن يجيب، فقيل له؟ فقال: إنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ندعى إليه. رواه الإمام أحمد بإسناده.

إذا ثبت هذا، فحكم الدعوة للختان وسائر الدعوات غير الوليمة : أنها مستحبة؛ لما فيها من إطعام الطعام، والإجابة إليها مستحبة غير واجبة، وهذا قول مالك، والشافعي، وأبي حنيفة وأصحابه.

وقال العنبري: تجب إجابة كل دعوة؛ لعموم الأمر به. فإن ابن عمر روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا دعا أحدكم أخاه فليجبه، عرسا كان أو غير عرس . أخرجه أبو داود.

ولنا، أن الصحيح من السنة إنما ورد في إجابة الداعي إلى الوليمة، وهي الطعام في العرس خاصة، كذلك قال الخليل، وثعلب، وغيرهما من أهل اللغة.

وقد صرح بذلك في بعض روايات ابن عمر، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس فليجب . رواه ابن ماجه، وقال عثمان بن أبي العاص: كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا ندعى إليه. .
ولأن التزويج يستحب إعلانه، وكثرة الجمع فيه، والتصويت، والضرب بالدف، بخلاف غيره.

فأما الأمر بالإجابة إلى غيره، فمحمول على الاستحباب؛ بدليل أنه لم يخص به دعوة ذات سبب دون غيرها .

وإجابة كل داع مستحبة ؛ لهذا الخبر، ولأن فيه جبر قلب الداعي، وتطييب قلبه، وقد دعي أحمد إلى ختان، فأجاب وأكل.

فأما الدعوة في حق فاعلها، فليست لها فضيلة تختص بها؛ لعدم ورود الشرع بها .

ولكن هي بمنزلة الدعوة لغير سبب حادث، فإذا قصد فاعلها شكر نعمة الله عليه، وإطعام إخوانه، وبذل طعامه، فله أجر ذلك، إن شاء الله تعالى" انتهى من "المغني" (7/ 286).

وانتهاء العدة مناسبة سارة ، لإتمام المرأة ما وجب عليها من الإحداد أربعة أشهر وعشرا، وتخلصها من القيود التي كانت تلزمها في تلك المدة.

وهذه الوليمة لا تفعل تعبدا، ولا يُعتاد فعلها كل سنة، فلا تدخل في البدعة، ولا في التشبه بالكفار واتخاذها عيدا.

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "اعتاد بعض الناس أو أكثر الناس جعل وليمة ذبيحة للمرأة التي تقضي أشهر العدة على زوجها، ثم يُدعى لها كثير من الناس، فهل هذا جائز ؟

فأجاب: لا أرى في هذا بأسا؛ لأن هذا كان بمناسبة انتهاء العدة، وتحرر المرأة من قيود العدة التي فرضها الله عليها، كما أنه لو قدم الغائب ، فإنه يذبح له وليمة ويدعى إليها الأقارب والجيران، والذين يفعلون هذا لا يعتقدون أنهم يتعبدون لله بذلك، ولكنهم يجعلونها من باب الفرح والعادات، فلا حرج فيها" انتهى من:
 http://iswy.co/e3hvq

وقال الشيخ رحمه الله: " الولائم ثلاثة أقسام:

1 - قسم منهي عنه ، كالمأتم: وهو وليمة الأحزان التي يفعلها من يموت له الميت، فيولم ويدعو الناس إليها , هذه إما مكروهة، وإما محرمة وهو الصواب.

2 - وقسم آخر مطلوب شرعاً وهو الوليمة للنكاح: فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن عوف: (أَوْلِمْ وَلَوْ بِشَاةٍ) ، وذلك لأن الإيلام للنكاح يستلزم إظهاره وإعلانه ، وإعلان النكاح من الأمور المشروعة.

3 - والقسم الثالث : هو ما عدا ذلك ، فهو مباح: كالوليمة عند خروج المرأة من النفاس , والوليمة للختان , والوليمة لنزول البيت أول ما ينزل , وما أشبه ذلك " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (116/ 18).

وسئل الشيخ سليمان الماجد حفظه الله: "ما حكم عمل وليمة عشاء للمعتدة بعد خروجها من العدة بيوم أو يومين؟ علما بأنها عادة أهل البلد ومن لا يقوم بها ينتقدونها.

فاجاب: الحمد لله أما بعد .. فإن الأصل في الولائم وأسبابها هو الحل والإباحة ؛ ما لم يكن ذلك بمحرم أو بسبب محرم .

ولا يظهر في هذه الوليمة ما هو محرم ، لا من جهة التشبه ؛ لعدم وجود أسبابه ، ولا من جهة الابتداع ؛ لعدم ارتباط ذلك بزمن يتكرر بتكرر الأعوام .

فعليه لا حرج في إقامة هذه الوليمة . والله أعلم" انتهى من:

http://www.salmajed.com/fatwa/findnum.php?arno=19467

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب