الأحد 16 جمادى الأولى 1446 - 17 نوفمبر 2024
العربية

حكم اشتراط معطي الدورة عدم تحميلها أو إعطائها للغير سواء كان الشرط عند الاشتراك أو بعده

السؤال

اشتركت في دورة عن طريق الإنترنت، وقمت بدفع تكلفتها مسبقا، وبعدما أدخلنا المسؤول مجموعة الدورة، طلب منا التعهد أمام الله تعالى ألا نرسل محتوى الدورة أو نقوم بتحميله، وكان هذا شرطا حتى يسمح لنا أن نرى المحاضرات. قلت لفظا: "أتعهد أمام الله" فقط، كي يسمح لي أن أرى المحاضرات، ولكن في نيتي أن أقوم بتحميل المحاضرات، لأن وقتي ضيق، ولا أستطيع أن أقوم بفتح الإنترنت طوال الوقت لمشاهدة المحاضرات، طلبت مني صديقة أن تنضم هي ومجموعة من صديقاتي إلي في المحتوى، أي أن أرسل لهن المحتوى، ونتقاسم المبلغ بيننا. سؤالي : هل يجوز لي أن أشارك المحتوى معهن، علما بأنهن كن يردن الالتحاق بها من قبل، ولكن نظرا لأن المبلغ غير متاح للجميع فلم يشتركن؟ وبالنسبة لي فمن المؤكد أن تقاسم المبلغ سوف يقلل من علي عبء الاشتراك في دورات أخرى إن أردت، خاصة أن مبلغ هذه الدورة كنت قد استلفته كي أنضم إلى الدورة .

الجواب

الحمد لله.

أولا:

إذا اشترط معطي الدورة ألا يقوم المشترك بتحميلها أو إعطائها للغير، فقبل ذلك، لزمه الوفاء بالشرط؛ لقول النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال : المسلمون عند شروطهم  رواه البخاري تعليقاً (4/451)، ووصله البيهقي (7/249)، والحاكم (2/57) ، وصححه الألباني في "الإرواء" (5/207) .

وقال البخاري في صحيحه:

"وقال ابن عون عن ابن سيرين: قال رجل لكريه: أدخل ركابك، فإن لم أرحل معك يوم كذا وكذا، فلك مائة درهم، فلم يخرج، فقال شريح: من شرط على نفسه طائعا غير مكره: فهو عليه.

وقال أيوب عن ابن سيرين: إن رجلا باع طعاما، وقال: إن لم آتك الأربعاء، فليس بينى وبينك بيع، فلم يجئ؟ فقال شريح للمشترى: أنت أخلفت، فقضى عليه". انتهى من" صحيح البخاري"، كتاب الشروط، باب ما يجوز من الاشتراط والثنيا في الإقرار.

ثانيا:

الشرط الملزم ما كان مع العقد، أو قبله بيسير، وأما ما كان بعد العقد: فلا عبرة به؛ لأن العقد تم خاليا منه، إلا أن يكون في زمن خيار المجلس أو الشرط.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " الشروط في البيع معتبرة سواء قارنت العقد، أو كان بعده في زمن الخيارين، أو كانت متفقاً عليها من قبل" انتهى من "الشرح الممتع" (8/ 224).

وعليه؛ فإذا لم يُشترط عليك هذا الشرط عند اشتراكك في الدورة: فإن الشرط لا يلزمك؛ لأنه وقع بعد العقد.

وليس لمعطي الدورة أن يمنع الدارسين من رؤية المحاضرات- بعد اشتراكهم في الدورة- حتى يتعهدوا له بما ذكرت؛ لأن تمكينهم من رؤية المحاضرات واجب، ومنعهم منه ظلم لهم، وليس لهم أن يلزمهم بشيء مما ذكر؛ فإن أراد التعهد أو الشرط فليكن عند الاشتراك في الدورة لا بعده.

ولهذا يجوز أن تقومي بتحميل الدورة، والاستفادة منها، ما دام لم يشترط عليك عدم ذلك عند الاشتراك.

ثالثا:

أما إعطاؤها للغير، مجانا : فالظاهر أنه لا بأس به، إذا كان لآحاد الناس، ولم يكن نشرا عاما، يضر به بصاحب الملكية الفكرية لهذه المواد .

ومثل ذلك: إذا شق على شخص أن يدفع ثمن الدورة بمفرده، فأشرك معه واحدا أو اثنين، أو نحوا من ذلك، وكان وكيلا عنهم، فنرجو ألا يكون عليهم حرج في ذلك، وأن ينتفعوا بها جميعا، وهذا مثل أن يعطيها لغيره مجانا، أو أولى منه، فيما يظهر.

​وقد سئل الشيخ ابن عثيمين: هل يجوز أن ننسخ من الأشرطة التي كتب عليها أن حقوق الطبع محفوظة، وهل يتغير الحكم إذا كان النسخ للتوزيع أي للدعوة وليس للتجارة؟

فقال: الظاهر لي أنه إذا كان النسخ على وجهٍ خاص شخصي: لا بأس.

وأما إذا كان للاتجار، مثل أن ينسخ محل تسجيل هذه الأشرطة، فإنه لا يجوز؛ لما في ذلك من الاعتداء على حق أخيه.

أما طالبٌ يريد أن ينسخ من طالبٍ فلا بأس" انتهى من "التعليق على الكافي" لابن قدامة (3/ 373)، بترقيم الشاملة آليا) بتصرف يسير.

وينظر جواب السؤال رقم : (336144).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب