السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

هل يستحق الدلال نسبة على ما زاد عن العمل المتفق عليه أولا؟

292459

تاريخ النشر : 30-03-2021

المشاهدات : 3846

السؤال

أنا أعمل مقاول بناء، قابلت صديق لي في مناسبة، ودلني على مشروع جديد لأعمل فيه، هذا المشروع صغير، وهو عبارة عن طوبار أحواض للزراعة، يحتاج العمل تقريبا ل ٤-٦ أيام فقط، اتفق معي صديقي أني سأنفذ هذا العمل، ونتقاسم الربح بالتساوي بعد الإنتهاء من العمل، وأثناء العمل حدثت زيادات في المطلوب، فطلب مني صاحب العمل أن أشتغل له أعمال حديد أيضا إلى جانب الطوبار، ثم طلب حفر قواعد، وهكذا، أي إنه يزيد العمل عن المتفق عليه أصلا، وطبعا مع زيادة السعر. سؤالي الاول : هل أنا ملزم بتقاسم المبلغ الذي نربحه من الأعمال المضافة عن الاتفاق ؟ أي إن عملنا كان لا يتجاوز ٦ أيام، والآن ربما يصل شهرا، فهل صديقي شريك فيما دلني عليه من عمل، أم شريك في المشروع كاملا، وكل زيادة تحصل فيه؟ مع العلم عقدنا الشفهي لم يتضمن الحديث في ذلك، فالعقد كان أنه سيعطيني رقم صاحب المشروع لأتصل به بعد أن أحسب تكاليفي، وأعطيه السعر الذي يناسبني للعمل في الأحواض، وصديقي يعلم أن العمل كان سريعا، أقل من أسبوع، ومقابل أنه دلني على هذا المالك سيأخذ نصف الربح دون أن نتطرق لموضوع زيادة العمل السؤال الثاني : صديقي جالس لا يتدخل في العمل، ولا يأتي المشروع، الذي هو أصلا بعيد عن مكان إقامتي وإقامته بحوالي ٥٠ كم، وأنا أنزل الى المشروع كل يوم تقريبا، وفي رمضان كنا نعمل من بعد الإفطار إلى الظهر تقريبا، وأوصل العمال، واستأجر العدد، وما إلى ذلك من الأمور المتعلقة بالعمل بكامل تفاصيلها، فهل يحق لي أن أسجل لنفسي بدل مشرف أو مراقب على المشروع، بمبلغ يومي مثلي مثل العمال، طبعا مبلغ معقول لا مبالغة فيه، لكن هذا المبلغ مقابل عملي الزائد عن صديقي، أم إنه لا يحق لي ذلك، وكل جهدي هو مقابل أنه دلني على العمل فنأخذ بالتساوي ؟ مع العلم أن العمل زاد كثيرا عما كنت قد اتفقت عليه أولا، وبالتالي الجهد زاد، ولم يعد فترة بسيطة؟ ثالثا: هل لو طلب مني صاحب العمل عملا جديد بنفس المشروع، لكن العمل لا دخل له بالأحواض التي نزلنا لأجلها، فهل صديقي يبقى شريكا معي أيضا، أم هو شريك فقط فيما دلني عليه بداية؟

ملخص الجواب

 لا يستحق الدلال أجرة إلا على ما دل عليه، وهو -كما في السؤال- العمل في أحواض الزراعة هنا، وأما ما تبع ذلك من أعمال لم يدل عليها، فلا يستحق عليها شيئا؛ لأن الربح إنما يستحق بالعمل، أو بالمال أو بالضمان. والدلال في غير ما دلّ عليه لم يشارك بشيء من ذلك، فلا يستحق ربحا.  

الحمد لله.

أولا:

حكم السمسرة

لا حرج في الدلالة والسمسرة  بمقابل، سواء كان المقابل مبلغا مقطوعا، أو كان نسبة على الراجح.

وفي "فتاوى اللجنة الدائمة" (13/ 131): "يجوز للدلال أخذ أجرة بنسبة معلومة من الثمن الذي تستقر عليه السلعة مقابل الدلالة عليها، ويستحصلها من البائع أو المشتري، حسب الاتفاق، من غير إجحاف ولا ضرر." انتهى.

ثانيا:

هل يستحق الدلال ما زاد على دل عليه؟

لا يستحق الدلال أجرة إلا على ما دل عليه، وهو العمل في أحواض الزراعة هنا، وأما ما تبع ذلك من أعمال لم يدل عليها، فلا يستحق عليها شيئا؛ لأن الربح إنما يستحق بالعمل، أو بالمال أو بالضمان. والدلال في غير ما دلّ عليه لم يشارك بشيء من ذلك، فلا يستحق ربحا.

جاء في "الموسوعة الفقهية" (26/ 60):

"استحقاق الربح: لا يُستحق الربح إلا بالمال أو العمل أو الضمان؛ فهو يُستحق بالمال، لأنه نماؤه فيكون لمالكه. ومن هنا استحقه رب المال في ربح المضاربة. وهو يُستحق بالعمل، حين يكون العمل سببه: كنصيب المضارب في ربح المضاربة، اعتبارا بالإجارة.

ويُستحق بالضمان، كما في شركة الوجوه. لقوله صلوات الله وسلامه عليه: (الخراج بالضمان) أو (الغلة بالضمان)، أي من ضمن شيئا فله غَلته. ولذا ساغ للشخص أن يتقبل العمل من الأعمال كخياطة ثوب - ويتعهد بإنجازه لقاء أجر معلوم، ثم يتفق مع آخر على القيام بهذا العمل بأجر أقل من الأجر الأول، ويربح هو فرق ما بينهما حلالا طيبا - لمجرد أنه ضمن العمل، دون أن يقوم به: وعسى أن لا يكون له مال أصلا.

فإذا لم يوجد أحد هذه الأسباب الثلاثة، التي لا يستحق الربح إلا بواحد منها، لم يكن ثم سبيل إليه. ولذا لا يستقيم أن يقول شخص لآخر: تصرف في مالك على أن يكون الربح لي، أو على أن يكون الربح بيننا - فإن هذا عبث من العبث عند جميع أهل الفقه، والربح كله لرب المال دون مزاحم." انتهى.

وعليه فليس لصاحبك إلا ما اتفقتما عليه بشأن المشروع الأول، على صفته الأولى، دون ما زيد فيه، أو جاء بعده.

وينظر جواب سؤال: دلّ سمسارا على زبون فهل يستحق عمولة كلما جرت معاملة بين السمسار والزبون؟

ثالثا:

ليس لك أن تأخذ راتبا مقابل الإشراف، بحجة أنه مقابل عملك الزائد على عملك صديقك؛ لأن صديقك لم يشارك في الأصل بعمل، بل شركته محصورة في الدلالة، وما عدا ذلك فهو من مسئوليتك؛ إلا الأعمال التي لم تجر العادة بقيامك بها، فهذه تستأجر لها عمالا يقومون بها. وقد كان يمكنك أن تشترط نسبة أعلى من الربح؛ لما تقوم به من أعمال، أما الآن فيلزمك الوفاء بما اتفقتما عليه.

ولمزيد الفائدة حول أحكام السمسرة ينظر : جواب السؤال رقم: (183100). 

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب