من عجز عن السجود جلس على الأرض أو على كرسي وأومأ بالسجود، وجلوسه على الأرض أولى.
هل يجوز له الجلوس على الكرسي في التشهد مع قدرته الجلوس على الأرض؟
السؤال: 294750
أنا مكسور منذ شهر، وفي هذا الشهر كنت عاجزا عن السجود والركوع، وقادرا على القيام والتشهد، فكنت أصلي قائما، ثم أجلس على الكرسي، فأومئ رأسي للركوع، ثم أقوم في الرفع من الركوع، وبعد ذلك أجلس، وأخفض رأسي للسجود أكثر من الركوع، أما في التشهد فرغم إني كنت أستطيع أن أتشهد على الأرض إلا إنني تشهدت جالسا على الكرسي، غير الجلسة على الهيئة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأني كنت جاهلا الحكم، فهل علي أن أعيد جميع الصلوات، مع العلم بأني صليت بهذه الطريقة شهرا كاملا؟
ملخص الجواب
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولا:
القاعدة في أركان وواجبات الصلاة: أن ما استطاع المصلي فعله، وجب عليه فعله، وما عجز عن فعله سقط عنه؛ لقوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) التغابن/16
وروى البخاري (1050) عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الصَّلَاةِ فَقَالَ: (صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ).
فمن كان قادرا على القيام لزمه ذلك، ويركع من قيام، ما دام مستطيعا ذلك، ولا يصح أن يجلس على الكرسي ثم يركع.
ويركع على حسب استطاعته؛ ركوعا تاما، أو إيماء.
قال في "الفواكه الدواني" (1/ 241): " والحاصل: أن العاجز عن الركوع والسجود، يومئ لهما من قيام، إن عجز عن الجلوس، وإن قدر على الجلوس أومأ إلى الركوع من قيام، وإلى السجود من جلوس" انتهى.
وقال في "زاد المستقنع" : "وإن قدر على قيام وقعود، دون ركوع وسجود: أومأ بركوعٍ قائمًا، وبسجود قاعدا".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه: " أي: إن قدر المريض على القيام، لكن لا يستطيع الركوع، إما لمرض في ظهره، وإما لوجع في رأسه، وإما لعملية في عينه، أو لغير ذلك، ففي هذه الحال نقول له: صل قائمًا، وأومئ بالركوع قائما.
والدليل قوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم [التغابن: 16].
وكذلك إذا كان يستطيع أن يجلس؛ لكن لا يستطيع أن يسجد نقول: اجلس وأومئ بالسجود؛ لقوله تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم...
فمن لم يقدر على الركوع أومأ به قائما، ومن لم يقدر على السجود أومأ به جالسا" انتهى من "الشرح الممتع" (4/ 336).
وكذلك يلزمه الاعتدال بعد الركوع قائما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا) رواه البخاري (793)، ولا يصح أن يأتي بالاعتدال من الركوع جالسا على كرسي؛ لأنه قادر على القيام.
ثانيا:
من عجز عن السجود، فإنه يجلس ويوميء بالسجود.
قال ابن قدامة رحمه الله: "ومن قدر على القيام، وعجز عن الركوع أو السجود: لم يسقط عنه القيام، ويصلي قائماً فيومئ بالركوع، ثم يجلس فيومئ بالسجود، وبهذا قال الشافعي "انتهى من "المغني" (1/444).
وينظر: جواب السؤال رقم: (50684)، ورقم: (549745).
ثالثا:
العاجز عن السجود، يصح أن يكون جلوسه على الأرض أو الكرسي، وجلوسه على الأرض أولى؛ لموافقته هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
"الواجب على من صلى جالسا على الأرض، أو على الكرسي، أن يجعل سجوده أخفض من ركوعه.
والسنة له أن يجعل يديه على ركبتيه في حال الركوع.
أما في حال السجود، فالواجب أن يجعلهما على الأرض إن استطاع، فإن لم يستطع، جعلهما على ركبتيه، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : الجبهة - وأشار إلى أنفه - واليدين ، والركبتين ، وأطراف القدمين ).
ومن عجز عن ذلك، وصلى على الكرسي: فلا حرج في ذلك، لقول الله سبحانه : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )، وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) متفق على صحته "انتهى من "فتاوى ابن باز" (12/ 245).
وقال الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله: "ينبغي على الإنسان أن يصلي على الأرض، فلا يصلي على الكرسي إذا كان يستطيع يصلي على الأرض، ويومئ بالركوع؛ إذا كان لا يستطيع القيام، يومئ بالركوع، ويسجد على الأرض، حتى ولو احتاج أن يمد رجله، أو يوقف ركبتيه: أولى من الصلاة على الكراسي، لأن بعض الناس يصلي على الكرسي وهو يستطيع، وبعضهم يستطيع السجود؛ وهذا لا تصح صلاته إذا كان يستطيع السجود، ويومئ من أجل أنه على الكرسي" انتهى.
رابعا:
قد بان بذلك أن جلوسك على الكرسي عند السجود، بدلا من الجلوس على الأرض: لا يؤثر على صحة صلاتك.
ولكن إذا كنت تجلس قبل الركوع، وتوميء بالركوع من جلوس، ثم تعتدل من الركوع وأنت على الكرسي، لم تصح صلاتك إذا كنت تستطيع الانحناء للركوع وأنت قائم؛ لترك القيام المفروض، وترك الاعتدال الصحيح، وهو ركن من أركان الصلاة.
قال في "شرح المنتهى" (1/ 217) في أركان الصلاة: "(و) السادس (اعتدال) لقوله: صلى الله عليه وسلم في الحديث المذكور : ثم ارفع حتى تعتدل قائما" انتهى.
لكن إن كنت جاهلا بذلك، فنرجو أن يجزئك ما صليت في تلك المدة، وألا يلزمك إعادة الصلاة.
وانظر جواب السؤال رقم: (45648)، ورقم: (133372).
ولو احتطت، فقضيت ما صليته على تلك الحال، فهو حسن.
والله أعلم.
المصدر:
موقع الإسلام سؤال وجواب
هل انتفعت بهذه الإجابة؟