الحمد لله.
أما من حيث صحة النكاح فإن النكاح يصح من الرجل العاقل بمفرده ، لأنه لا ولاية لأحد عليه.
ولكن اعتاد الناس في الخطبة أن يطلبوا من الخاطب إحضار بعض أقاربه؛ ليطمئن ولي الفتاة ، ويتأكد من أن هذا الخاطب جاد، وليس بمخادع ومتلاعب؛ وليكون له من الأهل والعشيرة والعصبة: من يرجع الناس إليه عند النزاع، إذا ما وقع ، أو من يحتشمهم ، ويهاب كلمتهم، ويحترم رأيهم.
والأصل في عادات الناس الجواز ، وخاصة العادات التي ظهرت مصلحتها ومنفعتها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
" تصرفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان:
عبادات يصلح بها دينهم.
وعادات يحتاجون إليها في دنياهم.
فباستقراء أصول الشريعة نعلم أن العبادات التي أوجبها الله، أو أحبها، لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع.
وأما العادات: فهي ما اعتاد الناس في دنياهم مما يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر، فلا يحظر منه إلا ما حظره الله سبحانه وتعالى ...
والعادات الأصل فيها العفو، فلا يحظر منها إلا ما حرمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا )، ولهذا ذم الله المشركين الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله، وحرموا ما لم يحرمه ... وهذه قاعدة عظيمة نافعة " انتهى من " مجموع الفتاوى " (29 / 16 – 18).
ولا شك أن في هذا الشرط مصلحة كبيرة لك ، بل مصلحة لكما معا ؛ فإنه يثبت جدية هذا الشاب في الزواج ، والقدرة على تحمل أعبائه ، حتى لا يتسبب في إحراج أهله إن ظهر بخلاف ذلك فيما بعد .
وأيضا .. قد تقع خلافات بينكما في المستقبل - نسأل الله أن لا يقدر ذلك- ويكون وليك بحاجة إلى التحدث مع أحد من أهل الشاب لينصحه أو ليقومه، أو ليتدخل في حل المشكلة، وهذا مطلوب بنص القرآن الكريم، قال الله تعالى : فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا النساء/35 .
فإذا كان أهل الشاب غير مبالين به، ولا يحضرون زفافه ، فإن ذلك يثير شكوكا ومخاوف كثيرة في نفس المرأة ووليها، حول أهليته للزواج، وجديته في تحمل مسؤولياته، وربما يثير شكوكا حول أخلاقه، أو أمانته؛ ولذلك : يحجم أكثر الأولياء، والعقلاء الناصحون منهم، عن إتمام الزواج في هذه الحالة .
ولذلك؛ فنحن نوافق وليك تماما على ما فعل ، وأنه لا بد أن يحتاط لأمر ابنته، ويكون له من الأصهار وأقرباء الخاطب من يحضر معه الزواج.
والله أعلم.
تعليق