الحمد لله.
يجوز أن تشتري من بقية الورثة أنصبتهم في الأرض، إذا كان كل واحد منهم يعلم قدر نصيبه، كالربع أو الخمس، ونحو ذلك .
ويسمى هذا: التخارج، وهو تصالح الورثة على إخراج بعضهم من الميراث بشيء معلوم من التركة أو من غيرها.
وينظر: "الموسوعة الفقهية" (11/ 5).
وإنما اشترطنا أن يكون كل وارث يعلم نصيبه، حتى لا يؤدي الأمر إلى الظلم وأكل المال بالباطل، فربما ظن أحدهم أن نصيبه قليل، فرضي بهذا الثمن، والواقع أن نصيبه أكبر مما ظن.
والصلح على المجهول ممنوع عند بعض الفقهاء، وجائز عند بعضهم في حال تعذّر العلم بالمجهول.
قال ابن قدامة رحمه الله : " ويصح الصلح عن المجهول إذا كان مما لا سبيل إلى معرفته ...
فأما ما يمكنهما معرفته ، كتركة موجودة ، أو يعلمه الذي هو عليه ، ويجهله صاحبه ، فلا يصح الصلح عليه مع الجهل .
قال أحمد : إن صولحت امرأة من ثُمُنها – يعني نصيبها من الميراث - لم يصح . واحتج بقول شريح : أيما امرأة صولحت من ثمنها ، لم يتبين لها ما ترك زوجها ، فهي الريبة كلها – يعني يُشك في الورثة أنهم يريدون أكل أموالها ويخدعونها -
قال : وإن ورث قوم مالا ودورا وغير ذلك ، فقالوا لبعضهم : نخرجك من الميراث بألف درهم . أكره ذلك ، ولا يُشترى منها شيء وهي لا تعلم ، لعلها تظن أنه قليل ، وهو يعلم أنه كثير ، ولا يُشترى حتى تعرفه وتعلم ما هو ، وإنما يصالح الرجل الرجل على الشيء لا يعرفه ، ولا يدري ما هو فيصالحه ، فأما إذا علم فلِمَ يصالحه ؟! إنما يريد أن يهضم حقه ويذهب به " انتهى من "المغني" (7/23) باختصار .
ومثال المجهول الذي يتعذّر علمه: أن يكون بين الرجلين معاملة وحساب، قد مضى عليه زمن طويل، ولا علم لكل منهما بما عليه لصاحبه، فهنا يصح الصلح مع الجهل.
وأما أرض، أو تركة موجودة، فلابد من معرفة قدر نصيب كل وارث، ليصح الصلح عنه؛ لأن هذا له حكم البيع، ولا حاجة تبيح إجراءه مع الجهل إلا أن يريد أحدهم أكل مال صاحبه.
قال في "كشاف القناع" (3/ 396): " (فإن أمكن معرفته) أي: المجهول.
(ولم تتعذر) معرفته (كتركة موجودة، صولح بعض الورثة عن ميراثه منها) ولم يعرف كميته: (لم يصح الصلح)" انتهى.
فانظر مساحة الأرض، واقسمها القسمة الشرعية، وأعلم كل وارث بما له من أمتار فيها، ثم لا حرج حينئذ أن تشتري أنصبتهم بثمن معلوم، حاضر أو مؤجل إلى أجل معلوم .
فإذا ملكت الأرض بعتها بما تحب، وسددت ما عليك، ولك ما ربحت فيها.
فإن أبوا البيع لك، لعدم تملكك للثمن، أو لأنك تريدها بثمن أقل من السوق، وقالوا: نحن أحق بالربح الذي يأتي منها، فلهم ذلك .
وحينئذ تباع لغيرك، ويقسم الثمن على الورثة القسمة الشرعية.
وهذا ما ننصحك به، فإنه لا معنى لكونك تشتري منهم، ولا تعطيهم شيئا، ثم تذهب فتبيعها وتربح وحدك .
وقد روى البخاري (13) ، ومسلم (45) عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ .
فالذي ينبغي : أن تباع الأرض، ويقسم ثمنها عليكم جميعا ، حسب نصيب كل واحد منكم من الميراث.
والله أعلم.
تعليق