الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 - 22 نوفمبر 2024
العربية

قال الولي للخاطب اعتبرها امرأتك فدخل بها قبل عقد القِران

295625

تاريخ النشر : 30-05-2021

المشاهدات : 4442

السؤال

جائني شاب يقول خطبت فتاة وشبكتها، وطلبت من والدها أن يعجل بكتب الكتاب، فماطل كثيرا، وأتعبنى كثيرا، رغم إنني كنت أحرص ما أكون على التعجيل بكتب الكتاب؛ حتى لا أقع في أي محظور شرعى بيني وبين خطيبتي، فلما ألححت عليه قال لى مبتسما : اعتبرها امرأتك، فاندهشت من كلامه، وما معناه، وما مغزاه، خصوصا أنه مدرس مواد عربية في جهة شرعية، ويعلم جيدا أبعاد كلامه، فأردت أن أتاكد من دلالة كلامة حسب فهمي، ـ فقلت [الخاطب الذى يحكى] فقلت لوالد العروس نعم، فالزواج ما هو إلا إيجاب وقبول، وقد حصل الإيحاب والقبول بيننا، أما الإشهار والتوثيق فهذا شأن آخر، فقال والد العروسة مؤكدا رد العريس نعم، وكان هذا الحوار فى مجلس جمع بين أهالى العريس والعروس، وحضره العروسان معا، وقد دخل هذا الخاطب بعروسته قبل كتب الكتاب بشهر، فهل هذا الوقاع زواج بشبهة، أم زواج صحيح، أم زنا ؟ وهل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاف والرجعة) يمكن إسقاطه على ما قاله والد العروس أم لا ؟

الحمد لله.

أولا:

النكاح ينعقد بالإيجاب والقبول

ينعقد النكاح بالإيجاب وهو اللفظ الصادر من الولي كقوله: زوجتك بنتي فلانة، والقبول وهو كقول الخاطب: قبلت الزواج من بنتك فلانة.

وينعقد النكاح بغير لفظ النكاح والتزويج عند الحنفية والمالكية، والراجح أنه ينعقد بكل ما يدل عليه. وينظر : "الشرح الممتع" (12/38).

فإذا صدر هذا الإيجاب والقبول في حضور شاهدين رجلين مسلمين، فقد تم النكاح.

ثانيا:

الإيجاب والقبول قد يصدران في الخطبة ولا يراد بهما عقد النكاح

ينبغي أن يعلم أن الإيجاب والقبول قد يصدران في الخطبة أيضا، ولا يريد الناس بذلك عقد النكاح، بل يؤجلون العقد إلى مدة، ويتواعدون على ذلك، وهذا كالصريح في أن ما تم ليس عقدا.

وإذا تلفظا بالإيجاب والقبول، ولم يتواعدا على عقد النكاح فيما بعد، ولم يذكراه، فهنا يرجع إلى العادة عندهم: فإن جرت العادة بأن هذا وعد وتوطئة للعقد وليست عقدا، فإن النكاح لا ينعقد بذلك.

وإن جرت العادة بأن هذا عقد، فهو عقد. وينظر: جواب السؤال رقم : (271420).

والذي يظهر لنا من عمل الناس في بلد السائل: أن هذه الصيغة عندهم لا تعني عقد النكاح ، وإنما هي مجرد توكيد لقبوله زوجا لها ، لكن يبقى بعد ذلك عقد النكاح – كتب الكتاب - .

وأما أن مجرد القول المذكور : " اعتبرها امراتك" : هي عقد للنكاح ، فلا ؛ ولا تعويل على ما ذكرته من عمله ، أو دراسته، فكل من يعلم واقع الناس العلمي والعملي، في بلد السائل خاصة: يعلم أن التعويل على ذلك مما لا قيمة له .

ثالثا:

المعروف عرفا كالمشروط شرطا

قد أساء الرجل بدخوله بالمرأة ، ولو كان العقد قد تم؛ لأن العرف تأخير الدخول، بل العرف المطرد في بلد السائل: عدم القبول بدخول الزوج بزوجته، ما دامت في بيت أبيها ، ولو كان ذلك بعد كتب الكتاب، وتوثيقه رسيما في المحكمة ؛ والمعروف عرفا كالمشروط شرطا ؛ فكيف بحال السائل المذكورة ؛ لا شك أن ذلك أبعد وأبعد لهما !!

وأما إذا كان العقد لم يتم؛ – كما هو الحال في مسألتك - ، فهذا منكر عظيم، فإن علما التحريم فهما زانيان، وإن ظن الرجل أن العقد قد تم بذلك ؛ فهو نكاح شبهة ، وإن ولد منه ولد نسب له.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ : إذا وطيء فيه ، فإنه يلحقه فيه ولده ، ويتوارثان باتفاق المسلمين ، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين ؛ سواء كان الناكح كافرا أو مسلما .

واليهودي إذا تزوج بنت أخيه : كان ولده منه يلحقه نسبه ، ويرثه ، باتفاق المسلمين ، وإن كان ذلك النكاح باطلا باتفاق المسلمين ، ومن استحله كان كافرا تجب استتابته .

وكذلك المسلم الجاهل : لو تزوج امرأة في عدتها ، كما يفعل جهال الأعراب ، ووطئها يعتقدها زوجة ؛ كان ولده منها يلحقه نسبه ، ويرثه باتفاق المسلمين .

ومثل هذا كثير؛ فإن ثبوت النسب لا يفتقر إلى صحة النكاح في نفس الأمر ، بل الولد للفراش ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الولد للفراش ، وللعاهر الحجر )" انتهى من "مجموع الفتاوى" (34/13).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب