الحمد لله.
ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن اللعب بالنرد؛ فعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ رواه مسلم (2260).
وعَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ رواه أبو داود (4938) والإمام مالك في " الموطأ " (5 / 1395)، وحسنه الألباني في "إرواء الغليل" (8 / 284 - 285).
قال ابن عبد البر رحمه الله تعالى:
" وهذا الحديث يحرم اللعب بالنرد جملة واحدة، لم يستثن وقتا من الأوقات، ولا حالا من حال، فسواء شغل النرد عن الصلاة أو لم يشغل، أو ألهى عن ذلك ومثله أو لم يفعل شيئا من ذلك، على ظاهر هذا الحديث " انتهى، من "التمهيد " (13 / 175).
ونقل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق العلماء على تحريم اللعب بالنرد .
ينظر جواب السؤال رقم (242944) .
وتحريم اللعب بالنرد ليس متعلقا بكونه حجرا أو قطعة من خشب، وإنما التحريم متعلق بحقيقة اللعب به؛ فإذا أزيل الحجر واستبدل بورق أو آلة وبقيت حقيقة اللعب به موجودة في اللعبة، فالتحريم لا يزول؛ لأن الأحكام الشرعية متعلقة بالمعاني لا بمجرد أسماء الأشياء وظواهرها.
كما ورد في حديث أَبي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيّ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَشْرَبَنَّ نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي الْخَمْرَ ، يُسَمُّونَهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا ... رواه أبو داود (3688) وابن ماجه (4020) ، وصححه الألباني في " صحيح سنن أبي داود ".
قال ابن حجر رحمه الله تعالى:
" وفي هذا الحديث وعيد شديد على من يتحيل في تحليل ما يحرم بتغيير اسمه، وأن الحكم يدور مع العلة، والعلة في تحريم الخمر الإسكار، فمهما وجد الإسكار وجد التحريم ولو لم يستمر الاسم. قال بن العربي: هو أصل في أن الأحكام إنما تتعلق بمعاني الأسماء لا بألقابها " انتهى، من "فتح الباري" (10 / 56).
فالأشياء المتماثلة في المعاني لها نفس الحكم ولا يمكن التفريق بينها.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
" قد استقرت شريعته سبحانه أن حكم الشيء حكم مثله، فلا تفرق شريعته بين متماثلين أبدا، ولا تجمع بين متضادين ... فبحكمته وعدله ظهر خلقه وشرعه، وبالعدل والميزان قام الخلق والشرع، وهو التسوية بين المتماثلين، والتفريق بين المختلفين " انتهى. "زاد المعاد" (4 / 248).
فالحاصل؛ أنه لا يجوز للمسلم أن يستبدل حجر النرد بشيء يماثله في المعنى والحقيقة ويخالفه في شكله فقط.
والله أعلم.
تعليق