الحمد لله.
القزع منهي عنه، وهو أن يحلق بعض الرأس ويترك بعضه.
فقد روى البخاري (5921) ، ومسلم (2120) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " نَهَى عَنْ الْقَزَعِ " ، قال نافع – أحد رواة الحديث – في تفسير القزع : يُحْلَقُ بَعْضُ رَأْسِ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكُ بَعْضٌ .
قال في "المطلع على ألفاظ المقنع"، ص29: "قوله: "ويكره القَزَع": القزع بفتح القاف والزاي، أخذ بعض شعر الرأس، وترك بعضه، نص على ذلك ابن سيدة في "المحكم" وكذا فسره الإمام أحمد في رواية بكر بن محمد عن أبيه" انتهى.
وقال في "كشاف القناع" (1/ 79): "(ويكره القزع وهو حلق بعض) شعر (الرأس) (وترك بعضه) لقول ابن عمر إن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن القزع . وقال : احلقه كله أو دعه كله رواه أبو داود .
فيدخل في القزع : حلق مواضع من جوانب رأسه ، وترك الباقي. مأخوذ من : قزع السحاب، وهو تقطُّعه.
وأن يحلق وسطه ، ويترك جوانبه ، كما تفعله شمامسة النصارى.
وحلق جوانبه ، وترك وسطه ، كما يفعله كثير من السفلة.
وأن يحلق مقدمه ، ويترك مؤخره" انتهى.
وعلة النهي : التشويه للخلقة ، أو التشبه باليهود ، أو الفساق.
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" (14/ 101): " وأجمع العلماء على كراهة القزع ، إذا كان في مواضع متفرقة ، إلا أن يكون لمداواة ونحوها. وهي كراهة تنزيه.
وكرهه مالك في الجارية والغلام مطلقا. وقال بعض أصحابه : لا بأس به في القُصّة ، والقفا ، للغلام .
ومذهبنا : كراهته مطلقا ، للرجل والمرأة ، لعموم الحديث.
قال العلماء: والحكمة في كراهته : أنه تشويه للخلق.
وقيل لأنه زي أهل الشرك ، والشطارة [أهل الشطارة : هم أهل الخبث واللؤم] .
وقيل لأنه زي اليهود، وقد جاء هذا في رواية لأبي داود" انتهى.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "واختلف في علة النهي ، فقيل لكونه يشوه الخلقة ، وقيل لأنه زي الشيطان ، وقيل لأنه زي اليهود" انتهى من "فتح الباري" (10/ 365).
وأما إذا قصر بعضه وترك بعضه، كأن يقصر من جوانب الرأس دون وسطه، فهذا يمنعه بعض أهل العلم إما إلحاقا بالقزع، أو لكونه تشبها بأهل الفساد.
والذي يظهر أن الممنوع من ذلك ما يكون فيه التباين كثيرا ، ظاهرا، بحيث يكون وسط الشعر كثيفا مرتفعا، وجوانبه خفيفة جدا، بما يشبه القزع، فهذا يُمنع لكونه تشويها، أو لكونه من فعل الفساق والسفلة، وهو العلة من منع القزع كما سبق.
وأما إن كان التباين ليس ظاهرا جدا، بل يحصل التناسق بين الوسط والجوانب ، لخفة ما في الوسط خلقة: فلا يظهر ما يمنعه، وليس هذا من فعل الفساق.
والله أعلم.
تعليق