الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حكم تأجير دار موقوفة لتحفيظ القرآن لاستعمال أجرتها في النفقة على المسجد والأمور الدعوية

297029

تاريخ النشر : 13-01-2019

المشاهدات : 5921

السؤال

اشتركت أنا وبعض الأخوة في جمع صدقات جارية ؛ لبناء دار لتحفيظ القرآن وتعليم أطفال المسلمين ، تابعة للمسجد ، لكنها في مكان بعيد عن المسجد ، وعملت الدار بفضل أكثر من عشرين عاما بأجر رمزي يكفي بالكاد نفقاتها ، والآن يريد بعض القائمين على المسجد أن يؤجر هذه الدار لأناس يستخدمونها في تعليم الأطفال ، لكن يأخذون مبالغ كبيرة ، فلا يستطيع الفقير ، أو حتى متوسط الدخل أن يلتحق بها وذلك بغية أن تأتي الدار بدخل كبير ينفقون منه على المسجد ، وصلاة العيد ، والأمور الدعوية ، وحجتهم في ذلك أن مئال دخل هذا الوقف سيكون في خدمة الدعوة ، ولاعبرة عندهم لنية المتصدق الذي تصدق لخدمة القرآن والفقير ، فهل يجوز ذلك ؟ وإذا كان لايجوز ، وأصروا على فعل ذلك ، وبمقدرتى أن أمنعهم ، فهل علي إثم إن تركتهم ؛ لأني في غايت التعب النفسي منهم ؟

الجواب

الحمد لله.

يجب الالتزام بشرط الواقف ، ما لم يخالف الشرع.

قال في "دليل الطالب" ص188: " ونص الواقف : كنص الشارع ؛ يجب العمل بجميع ما شرطه ، ما لم يفض إلى الإخلال بالمقصود" انتهى.

قال ابن عوض في حاشيته عليه (2/ 400): " (ونص الواقف كنص الشارع) صلى الله عليه وسلم، فلا تجوز مخالفته في النص والدلالة ، وفي وجوب العمل، إلا لضرورة... (ما لم يفض إلى الإخلال بالمقصود) . أي : يعمل بشرط الواقف مدة عدم إخلاله بالمقصود الشرعي" انتهى.

فهذه الدار التي بنيت من الصدقات الجارية لغرض تحفيظ القرآن الكريم، وجرى العمل فيها 20 سنة ، لا يجوز تعطيل التحفيظ فيها ، وتأجيرها للانتفاع بأجرتها في عمارة المسجد أو أنشطة الدعوة ، بل يجب الانتفاع بها فيما وقفت له وهو تحفيظ القرآن ، وتعليم أطفال المسلمين ، وهذا أعظم من كل مصلحة يزعمونها ، أو كل نفع يرجى من تحصيل أجرتها .

وكذا لو وقفت للتعليم والتحفيظ مجانا، فلا يجوز أن يجعل ذلك بأجرة ، إلا إن احتاجت الدار إلى ترميم ونحوه ، ولم يوجد من يقوم بذلك ، فيجوز أن تؤخذ رسوم قليلة ، أو أن يؤجر جزء من الدار للنفقة عليها، لا للإنفاق على مشاريع أخرى .

قال في "شرح منتهى الإردات" (2/ 417): " (فإن شرطها) أي العمارة واقف (عمل به) أي الشرط (مطلقا) ، على حسب ما شرط ، لوجوب اتباع شرطه .

(ومع إطلاقها) أي العمارة بأن شرط أن يعمر من ريعه ما انهدم : (تُقدم) أي العمارة (على أرباب الوظائف) ، لبقاء عين الوقف . قال (المنقِّح: ما لم يفض) تقديمها (إلى تعطيل مصالحه، فيجمع بينهما) ، أي بين العمارة وأرباب الوظائف (حسب الإمكان) ، لئلا يتعطل الوقف أو مصالحه.

(ولو احتاج خان مسبل ، أو) احتاجت (دار موقوفة لسكنى حاج أو) سكنى (غزاة ونحوهم) ، كأبناء سبيل ، (إلى مرمّة : أُوجر منه) ، أي من ذلك الموقوف جزء ، (بقدر ذلك) أي بقدر ما يحتاج إليه في المرمة ، لمحل الضرورة" انتهى.

واعلم أن من خالف شرط الواقف الصحيح ، بلا ضرورة : كان معتديا آثما.

وعلى من قدر على منعه : أن يمنعه ؛ لوجوب إنكار المنكر.

فابذل ما تستطيع لمنع تأجير هذه الدار ، ولاستمرار التحفيظ فيها، واستعن في ذلك بأهل العلم والدين في بلدك لمنع العدوان على هذا الوقف ، وبقاء ما فيه من الخير والنفع للمسلمين .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب