السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

أنفقت الأم من التركة على تعليم أحد الأبناء ثم حرمت البنات من الميراث

297512

تاريخ النشر : 28-01-2019

المشاهدات : 6497

السؤال

عائلة لديهم 3 ذكور ، و 5 إناث ، وكان الأب شيخا ، وعالما بدين الله تعالى ، وكان مقاولا ، ومتعهد بناء ، ولديه ثروة ، وأموال ، أما الأم فلا تملك شيئا يذكر، توفي الأب ـ رحمه الله تعالى ـ ، وكان ابنه الأكبر يدرس الطب بدولة أوروبية ، وكانت الأم تتابع الدفع لابنها من حساب إخوانه وأخواته ، وكانت تأخذ البنات ، وتجعلهن يوقعن على تنازلات عندما كانت تبيع عقار مثلا ، وبعد أن تخرج أنكر إخوانه الذكور والبنات ، وتعالى عليهم ، وبعد فترة حصلت مشاكل ، فاجتمعت الأم مع أولادها الثلاثة الذكور ، وقسمت الميراث للذكرين الأصغرين ، وبعدها سافرا ، والأخ الأكبر أخذ الباقي كله ، وهذا الاجتماع دون علم البنات . فما حكم هذه الأم التي تركت الكل من أجل ابنها الأكبر ، الذي ليس لديه صفات المروءة ، ولا الأخوة ، وقد عاش في الخارج فترة ، وزوجته أجنبية ، وابنته سيئة الخلق والأدب ، والأم تحب حفيدتها أكثر من بناتها ؟ وما هو حكم هذا الأخ الظالم ، هو حاليا يعاني من البهاق ؟ وما حكم هذه الأم التي لا تستحق كلمة أم ، علما بأنها لا تزال على قيد الحياة ، وعمرها 73 سنة ؟

الجواب

الحمد لله.

إذا مات الإنسان وترك مالا وجبت قسمته على ورثته كما أمر الله، ولا يجوز تأخير ذلك إلا برضى جميع الورثة.

ولا يجوز للأم إيثار واحد من أولادها بشيء من المال، ولا أن تبيع شيئا من التركة لإعطائه دون إخوته، ولو كان لتعليمه، فإن نفقة التعليم كانت على الأب في حياته، فمن احتاج إلى ذلك أعطاه، وأما بعد الموت، فقد سقطت هذه النفقة، ومن احتاج إلى التعليم أو غيره أنفق على نفسه من نصيبه، أو أنفقت عليه أمه إن كانت غنية وكان هو فقيرا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:

" إذا احتاج أحدهم إلى تزويجه والآخر لا يحتاج، فما العدل؟

الجواب: أن يعطى من يحتاج إلى التزويج ولا يعطى الآخر، ولهذا يعتبر من الغلط أن بعض الناس يزوج أولاده الذين بلغوا سن الزواج ويكون له أولاد صغار فيكتب في وصيته: إني أوصيت لأولادي الذين لم يتزوجوا أن يزوج كل واحد منهم من الثلث، فهذا لا يجوز؛ لأن التزويج من باب دفع الحاجات ، وهؤلاء لم يبلغوا سن التزويج ، فالوصية لهم حرام ، ولا تنفذ أيضا، حتى الورثة لا يجوز لهم أن ينفذوها إلا البالغ الرشيد منهم إذا سمح بذلك، فلا بأس بالنسبة لحقه في التركة " انتهى من "الشرح الممتع" (4/ 599).

فما قامت به الأم من الإنفاق على ابنها الأكبر من التركة : تعدٍّ محرم ؛ إلا إذا كان برضى جميع الورثة، وكانوا بالغين، راشدين، وقت التبرع لأخيهم، لهم حرية التصرف في مالهم.

وما قامت به الأم من قسمة التركة بين الذكور دون الإناث : ظلم بين.

ولا يحل للأبناء الذكور ما أخذوا زيادة على نصيبهم، والواجب عليهم التوبة إلى الله تعالى، وإعطاء أخواتهم نصيبهن.

وإذا كانت الأم أخطأت، ومالت للابن الأكبر، فما عذر الابنين الآخرين في الرضا بظلم أخواتهما؟!

وما ذكرنا من خطأ الأم لا يسقط حق الأم في البر والإحسان، والصلة بالمعروف؛ فإن الله أمر بالإحسان إلى الوالدين، ولو كانا كافرين يدعوان إلى الكفر فقال:  وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ  لقمان/14، 15 .

فقولك إن هذه الأم لا تستحق كلمة أم ، خطأ ظاهر، بل تستحق البر والإحسان والصلة، ونسأل الله أن يلهمها رشدها، وأن يصلح حالها وحال أولادها.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب