السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

حكم من اقترض مالا ليشتري هدية للمقرض

297611

تاريخ النشر : 06-02-2020

المشاهدات : 6997

السؤال

أمي اقترضت مني 500 لتشتري لي ولأختي بها عباءة، فهل هذا ربا ؟

الجواب

الحمد لله.

من القواعد التي استخلصها أهل العلم من نصوص الشرع؛ أن القرض الذي يؤدي إلى نفع مشترط  للمقرض؛ فهو ربا.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" ( ويحرم كل شرط جر نفعا )؛ يحرم يعني في القرض كل شرط يشترطه المقرض ، يجر إليه نفعا، أما إذا كان يجر نفعا إلى المستقرض ، فهو الأصل، إذًا كل شرط جر نفعا للمقرض ، فهو محرم.

وقوله: ( كل شرط ) الشرط يقع في هذه الحال من المقرض...

ولماذا لا يجوز؟! أليس المسلمون على شروطهم؟!

بلى، لكن : ( إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا ) ، وهذا أحل حراما؛ وذلك أن الأصل في القرض هو الإرفاق والإحسان إلى المقترض، فإذا دخله الشرط ، صار من باب المعاوضة، وإذا كان من باب المعاوضة، صار مشتملا على ربا الفضل وربا النسيئة، فاجتمع فيه الربا بنوعيه.

مثال ذلك: لما استقرض مني مائة ألف، واشترطت عليه أن أسكن داره شهرا، صار كأني بعت عليه مائة ألف بمائة ألف، بزيادة سكنى البيت شهرا، وهذا ربا نسيئة وربا فضل، ربا فضل؛ لأن فيه زيادة، وربا نسيئة؛ لأن فيه تأخيرا في تسليم العوض.

ولهذا قال العلماء: كل قرض جر منفعة بشرط ، فهو ربا .

وقد ورد : ( كل قرض جر منفعة فهو ربا ). لكنه حديث ضعيف أما معناه فصحيح " انتهى من "الشرح الممتع" (9 / 108 - 109).

والمنفعة العائدة للمقرض : هي من الربا بالإجماع ، إذا كانت مقابل القرض ، ولأجله ، وذلك بأن يشترطها.

ويلحق بالمنفعة المشترطة : ما لم يشترطها صراحة ، لكنه المقترض إنما بذلها للمقرض لأجل القرض، ولولاه ما بذلها له .

ولذلك ، فقد نص أهل العلم على أن المقترض لا يهدي للمقرض شيئا ، لم تجر به العادة بينهما ، قبل أن يرجع إليه قرضه.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" وأجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ربا، ولو كان قبضة من علف- كما قال ابن مسعود- أو حبة واحدة...

ولا يجوز أن يهدي من استقرض هدية للمقرض، ولا يحل للمقرض قبولها ، إلا أن يكون عادتهما ذلك ... " انتهى من "تفسير القرطبي" (4 / 225 - 226).

فأما إذا لم تكن المنفعة – من هدية ونحوها - لأجل القرض ، ولا عوضا له؛ فلا بأس في هذه الحال.

قال ابن قدامة رحمه الله تعالى:

" النبي صلى الله عليه وسلم استسلف بكرا، فرد خيرا منه. وقال: ( خيركم أحسنكم قضاء ) متفق عليه. وللبخاري: ( أفضلكم أحسنكم قضاء ). ولأنه لم يجعل تلك الزيادة عوضا في القرض، ولا وسيلة إليه، ولا إلى استيفاء دينه، فحلّت، كما لو لم يكن قرض. " انتهى من "المغني" (6 / 438 - 439).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله تعالى:

" – نهي – المقرض عن قبول هدية المقترض قبل الوفاء؛ لأن المقصود بالهدية أن يؤخر الاقتضاء ، وإن كان لم يشرط ذلك ولم يتكلم به ، فيصير بمنزلة أن يأخذ الألف بهدية ناجزة وألف مؤخرة وهذا ربا.

ولهذا جاز أن يزيد عند الوفاء ، ويهدي له بعد ذلك ، لزوال معنى الربا " انتهى من "الفتاوى الكبرى" (6 / 160).

وبناء على ما سبق:

فإن كانت والدتك ستشتري لك العباءة لأجل القرض ، ولولاه لم تشتر لك؛ كأن تكون أختك هي المقصودة وحدها، لكن بسبب أن القرض منك ، اشترت لك أيضا؛ فهذه منفعة جرها القرض؛ فتكون محرمة.

وأما إذا كانت والدتك ترغب في شراء العباءة لك ، والإحسان إليك ، كما هو الحال بالنسبة لأختك ، سواء كان القرض منك أو من غيرك؛ ففي هذه الحال منفعة العباءة ليست لأجل القرض، وإنما لأجل القرابة؛ فلا حرج في هذا.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب