الحمد لله.
آدم عليه السلام هو أول إنسان خلقه الله، وهو أبو البشر، وقد دل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع المسلمين.
قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَاآدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ البقرة/30- 36 .
فآدم عليه السلام أول إنسان، وقد أهبطه الله إلى الأرض، وجعل له فيها ولذريته مستقرا ومتاعا.
وقال سبحانه: (يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) النساء/1 .
والنفس الواحدة هي آدم بإجماع المفسرين. وينظر: تفسير الطبري وابن عطية والبغوي والماوردي وابن الجوزي وغيرهم.
وقال الرازي في تفسيره (9/ 477): "المسألة الرابعة: أجمع المسلمون على أن المراد بالنفس الواحدة هاهنا هو آدم عليه السلام" انتهى.
وقال الألوسي رحمه الله: "والمراد من النفس الواحدة: آدم عليه السلام.
والذي عليه الجماعة من الفقهاء والمحدثين ومن وافقهم: أنه ليس سوى آدم واحد، وهو أبو البشر" انتهى.
ثم نقل عن بعض الرافضة أن الله تعالى خلق قبل أبينا آدم، ثلاثين آدم وآدم، بين كل آدم ألف سنة.
ونقل عن ابن عربي الصوفي الضال ما يقتضي بظاهره أن قبل آدم بأربعين ألف سنة آدم غيره.
ثم قال الألوسي: "وأما القول بظواهر هذه الأخبار [أي التي فيها تعدد آدم] فما لا يراه أهل السنة والجماعة، بل قد صرح زين العرب بكفر من يعتقد التعدد.
نعم؛ إن آدمنا هذا ، عليه السلام : مسبوق بخلق آخرين ، كالملائكة والجن وكثير من الحيوانات وغير ذلك مما لا يعلمه إلا الله تعالى" انتهى من "روح المعاني" (2/ 391).
وفي حديث الشفاعة الذي رواه البخاري (3340) ، ومسلم (194) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: يَجْمَعُ اللَّهُ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُبْصِرُهُمُ النَّاظِرُ وَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِي، وَتَدْنُو مِنْهُمُ الشَّمْسُ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَلاَ تَرَوْنَ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ، إِلَى مَا بَلَغَكُمْ؟ أَلاَ تَنْظُرُونَ إِلَى مَنْ يَشْفَعُ لَكُمْ إِلَى رَبِّكُمْ، فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ: أَبُوكُمْ آدَمُ فَيَأْتُونَهُ فَيَقُولُونَ: يَا آدَمُ أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ، وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ، وَأَمَرَ المَلاَئِكَةَ فَسَجَدُوا لَكَ، وَأَسْكَنَكَ الجَنَّةَ، أَلاَ تَشْفَعُ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلاَ تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ وَمَا بَلَغَنَا؟ الحديث.
وروى أحمد (8736) ، وأبو داود (5116) ، والترمذي (3956) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَذْهَبَ عَنْكُمْ عُبِّيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ، وَفَخْرَهَا بِالْآبَاءِ مُؤْمِنٌ تَقِيٌّ، وَفَاجِرٌ شَقِيٌّ، أَنْتُمْ بَنُو آدَمَ وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ، لَيَدَعَنَّ رِجَالٌ فَخْرَهُمْ بِأَقْوَامٍ، إِنَّمَا هُمْ فَحْمٌ مِنْ فَحْمِ جَهَنَّمَ، أَوْ لَيَكُونُنَّ أَهْوَنَ عَلَى اللَّهِ مِنَ الْجِعْلَانِ الَّتِي تَدْفَعُ بِأَنْفِهَا النَّتِنَ والحديث حسنه الألباني وشعيب الأرنؤوط.
والحاصل :
أن آدم عليه السلام أبو البشر، وهو أول إنسان خلقه الله، وليس أول مخلوق حي، فقبله الملائكة وإبليس.
وأنت لم تذكر اعتقاد هذا الإمام على وجه يتبين منه المراد، فهل يقول بتعدد آدم، أم يقول إن آدم له أب، أم كلامه في وجود أشخاص من ملائكة أو جن قبل آدم؟
فإذا كان ينكر ما هو مجمع عليه ، من أن آدم أبو البشر، أو أول إنسان خلقه الله، فهذا ضال لا يصلى خلفه، ويخشى عليه الكفر، وأقل أحواله أن يكون ضالا ، مبتدعا ، فاسقا، فتترك الصلاة خلفه زجرا له، وخروجا من خلاف من لا يصحح إمامة الفاسق.
قال في "شرح منتهى الإرادات" (1/ 272): "(ولا تصح إمامة فاسق مطلقا) أي: سواء كان فسقه بالاعتقاد، أو بالأفعال المحرمة لقوله تعالى: أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون [السجدة: 18] ، وحديث ابن ماجه عن جابر مرفوعا لا تؤمن امرأة رجلا، ولا أعرابي مهاجرا، ولا فاجر مؤمنا، إلا أن يقهره بسلطان يخاف سوطه وسيفه .
وسواء أعلن فسقه، أو أخفاه... (إلا في جمعة وعيد ، تعذرا خلف غيره) أي: الفاسق، بأن تتعذر أخرى خلف عدل؛ للضرورة" انتهى.
والراجح صحة إمامة الفاسق، وهو مذهب الجمهور، لكن ينبغي ألا يقدم للإمامة، ويجوز أن تترك الصلاة خلفه زجرا له.
والله أعلم.
تعليق