هل تزيين الأكل من الإسراف المحرَّم؟

الحمد لله.

المقاصد الشرعية هي ما جاءت به الشريعة لحفظ الدين والنفس والعقل والمال والعرض، والأكل الذي يدخل في مقاصد الشريعة هو ما يكون به قِوام الحياة، وقوة البدن ليقوم بمصالحه الدينية والدنيوية.

فتزيين الأكل ليس مقصدا شرعياً، بهذا المعنى.

قال القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) "فأما ما تدعو الحاجة إليه، وهو ما سد الجوعة وسكن الظمأ، فمندوب إليه عقلا وشرعا، لما فيه من حفظ النفس وحراسة الحواس" انتهى من تفسير القرطبي (7/ 191).

وليس ثمة شيء من ذلك يندرج تحته تزيين الأكل.

وتزيين الأكل إذا لم يكن فيه إسراف: فأصله من المباحات.

فإن كان المراد بقول السائل: "مقصد شرعي" أنه من جملة مقاصد الناس المشروعة، أي: المباحة؛ فنعم، هو "مشروع/ مباح" بهذا المعنى. وفي الحديث أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُوا، وَاشْرَبُوا، وَتَصَدَّقُوا، وَالْبَسُوا، غَيْرَ مَخِيلَةٍ، وَلَا سَرَفٍ) رواه أحمد في المسند (6695) وحسنه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب (2145).

 وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: " كُلْ مَا شِئْتَ وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، ‌مَا ‌أَخْطَأَتْكَ ‌خَلَّتَانِ: سَرَفٌ أَوْ مَخِيلَةٌ " رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(26492).

ومما يستأنس به في إباحة تزيين الأكل، وأنه من الطيبات، ما روته أم المؤمنين عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :(كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ الحلواء ‌والعسل) رواه البخاري (5277).

قال ابن بطال رحمه الله: "ودخل في معنى هذا الحديث كل ما شاكل الحلواء والعسل من أنواع المآكل اللذيذة الحلوة المطعم" انتهى من "شرح صحيح البخاري - ابن بطال" (9/494).

وقال الخطابي رحمه الله: "واسم الحلواء: لا يقع إلا على ما دخلته الصَّنعة" انتهى من "أعلام الحديث" (3/ 2053). وهذا نوع من تزيين الطعام.

وقال ابن حجر رحمه الله: "قال النووي في حديث الباب جواز أكل الشيئين من الفاكهة وغيرها معا، وجواز أكل طعامين معا. ويؤخذ منه جواز التوسع في المطاعم. ولا خلاف بين العلماء في جواز ذلك" انتهى من "فتح الباري لابن حجر" (9/ 573).

وبناء عليه: فيجوز تزيين الطعام بأشكال أو أنواع أخرى، ما لم يدخله السرف والمباهاة.

والله أعلم