الحمد لله.
أولا:
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن المسلم لا يرث المرتد؛ لما روى البخاري (6764) ، ومسلم (1614) عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ .
وعليه : فإن ماله يكون لبيت المال، أي يصرف في المصالح العامة.
وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لوارثه المسلم. وهو قول معاذ بن جبل، ومعاوية بن أبي سفيان، ومحمد بن الحنفية، ومحمد بن علي بن الحسين، وسعيد بن المسيب، ومسروق بن الأجدع، وعبدالله بن مغفل، ويحيى بن يعمر، وإسحاق بن راهويه، كما حكاه عنهم ابن القيم رحمه الله، وقال: " وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. قالوا: نرثهم ولا يرثوننا ، كما ننكح نساءهم ، ولا ينكحون نساءنا " انتهى من "أحكام أهل الذمة" (2/ 853).
وهؤلاء حملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يرث المسلم الكافر) : على الكافر الحربي، لا المنافق، ولا المرتد، ولا الذمي.
وهو قول له وجاهته، لا سيما عند عدم وجود بيت المال ، أو عند فساد القائمين عليه، فيكون المسلم القريب أولى بهذا المال.
قال ابن القيم رحمه الله: "وقد حمل طائفة من العلماء قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يقتل مسلم بكافر) : على الحربي دون الذمي، ولا ريب أن حمل قوله: (لا يرث المسلم الكافر) على الحربي ، أولى وأقرب محملا؛ فإن في توريث المسلمين منهم : ترغيبا في الإسلام لمن أراد الدخول فيه من أهل الذمة، فإن كثيرا منهم يمنعهم من الدخول في الإسلام خوف أن يموت أقاربهم ولهم أموال فلا يرثون منهم شيئا.
وقد سمعنا ذلك منهم من غير واحد منهم شفاها، فإذا علم أن إسلامه لا يسقط ميراثه ، ضعف المانع من الإسلام ، وصارت رغبته فيه قوية.
وهذا وحده كاف في التخصيص ، وهم يخصون العموم بما هو دون ذلك بكثير، فإن هذه مصلحة ظاهرة ، يشهد لها الشرع بالاعتبار في كثير من تصرفاته، وقد تكون مصلحتها أعظم من مصلحة نكاح نسائهم" انتهى من "أحكام أهل الذمة "(2/ 855).
ثانيا:
إذا كان هذا المرتد قد ورث أباه المسلم، فقد أخذ ما لا يحق له.
وإذا كان الابن هو من يرث الجد، لعدم وجود أبناء آخرين له، وكان المال الذي في يد المرتد هو مال الجد، فللابن أن يأخذه من باب أخذ حقه، لا من باب الإرث، وهذا لا نزاع فيه، ولا إشكال؛ لأنه عند موت الجد، كان يجب أن يرثه هذا الابن دون أبيه المرتد.
وإن كان هناك أبناء آخرون للجد، وكان المال الذي في يد المرتد هو مال الجد، فإنهم يأخذونه، ولا شيء للابن [ الذي هو أنت ، حفيد صاحب المال الأصلي ] .
وهذا كله على فرض ثبوت الردة، وبقاء الرجل عليها إلى موته.
والله أعلم.
تعليق