السبت 27 جمادى الآخرة 1446 - 28 ديسمبر 2024
العربية

فضيلة دفن المعتمر في البقيع ؟ .

307218

تاريخ النشر : 28-07-2019

المشاهدات : 20257

السؤال

توفي والدي في المدينة بعد أداء العمرة الشهر الماضي ودفن في البقيع (بالمدينة). هل يمكن أن أعرف إذا كان هناك أيّ فضائل خاصة للدفن في البقيع و هل كل شخص دفن في البقيع سيكون من أهل الجنة؟ أنا أيضا بحاجة إلى معرفة إذا كان هناك أيّ عذاب في القبر للناس المدفونين في البقيع. أيضا بحاجة إلى معرفة إذا كان يجوز طباعة الترجمات القرآنية وتوزيعها نيابة عنه. نظرًا لأنه لا يمكن زيارة قبره بشكل منتظم مثل المقابر الأخرى في بلدنا ، ما نوع الدعاء الذي يمكننا تقديمه له من بلدنا؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

لا نعلم حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم يدل على فضيلة الدفن في البقيع.

قال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى:

" حديث عائشة رضي الله عنها ، في خروج النبي صلى الله عليه وسلم ليلا ، يدعو ويستغفر لأهل بقيع الغرقد.

وهذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم : كان لمن مات في حياته صلى الله عليه وسلم ، ودفن في البقيع، ولا نعلم للبقيع فضيلة تخصّه بفضل الدفن فيه، وعلى المدعي ذكر الدليل " انتهى، من "خصائص جزيرة العرب" (ص 57).

وإنما ورد الحث على تحري الموت بالمدينة النبوية ، بمعنى أن يعيش فيها ، ويصبر على لأواء عيشه فيها حتى يموت بها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع لمن يموت بها ، إذا صبر على ما يلاقيه من شدة .

عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ بِالمَدِينَةِ: فَلْيَمُتْ بِهَا، فَإِنِّي أَشْفَعُ لِمَنْ يَمُوتُ بِهَا ) رواه الترمذي (3917)، وقال "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ".

قال الطيبي رحمه الله تعالى:

" قوله: ( فَلْيَمُتْ بِهَا ) أمر له بالموت بها، وليس ذلك من استطاعته، بل هو إلي الله تعالى، لكنه أمر بلزومها، والإقامة بها، بحيث لا يفارقها، فيكون ذلك سببا لأن يموت فيها؛ فأطلق المسبب وأراد السبب " انتهى.  " شرح مشكاة المصابيح" (6 / 2063).

ويؤكد هذا الفهم: رواية الإمام مسلم لحديث ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ( مَنْ صَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهَا، كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه مسلم (1377).

والمقصود من هذا كله: هو الحث على عدم تعرية المدينة من السكان، كما هو صنيع البخاري رحمه الله تعالى حيث ساق بعد "بَابُ كَرَاهِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى المَدِينَةُ".

ثم روى في الباب: دعاء عُمَر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: ( اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) رواه البخاري (1890).

ثانيا:

وفاة والدك بعد عمرته ، وسفره إلى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، أمارة خير، إن شاء الله ، ويرجى أن يكون الله تعالى قد من عليه ، وختم له بعمل صالح .

ثالثا:

نفعك لوالدك لا يلزم منه زيارة قبره، فالدعاء له وأنت في بلدك ينفعه بإذن الله تعالى.

عن أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:  ( إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ) رواه مسلم (1631).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ ) رواه ابن ماجه (3660) وحسّنه الألباني في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" (4 / 129).

وأفضل دعاء هو دعاء الله تعالى بأن يرحمه ويغفر له، كما دل الحديث السابق، وكما قال الله تعالى:

( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء (24).

قال ابن كثير رحمه الله تعالى:

" ( وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا ) أي: في كبرهما وعند وفاتهما " انتهى. "تفسير ابن كثير" (5 / 64).

ومن الأعمال النافعة الصدقة عنه، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال رقم (42384)، ويدخل في هذا التبرع بترجمات معاني القرآن الكريم؛ لأن فيه نفعًا عظيمًا للمسلمين وغيرهم .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب