الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم تقبيل الرجل لمطلقته الرجعية أثناء عدتها

308477

تاريخ النشر : 16-04-2020

المشاهدات : 18501

السؤال

هل مقدمات الجماع كالتقبيل والضم وغيرها جائزة في فترة العدة للمطلقة الرجعية، علما بأنني قمت بهذا بدون نية إرجاعها، فهل هذا محرم أم جائز بدون نية الإرجاع؟ وهل يعتبر هذا رجعة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

استمتاع الرجل بزوجته المطلقة الرجعية في عدتها، لا يعد رجعة إلا إذا نوى بذلك إرجاعها .

لقول رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:  إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى  رواه البخاري (1)، ومسلم (1907).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" ومسألة الرجعة بالفعل، كما إذا طلقها: فهل يكون الوطء رجعة؟ فيه ثلاثة أقوال. أحدها: يكون رجعة كقول أبي حنيفة. والثاني: لا يكون كقول الشافعي. والثالث: يكون رجعة مع النية وهو المشهور عند مالك، وهو أعدل الأقوال الثلاثة في مذهب أحمد " انتهى من "مجموع الفتاوى" (20 / 381).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

" قوله: ( وتحصل الرجعة أيضا بوطئها )؛ لأن وطأها دليل على إرجاعه لها، فإذا جامعها حصلت الرجعة.

وظاهر كلام المؤلف: أن الرجعة تحصل بجماعها، سواء نوى بذلك الرجعة أم لم ينو؛ لأنه لم يشترط، فلم يقل: تحصل الرجعة بوطئها إذا نوى.

وهذا هو المشهور من المذهب؛ لأن هذا الفعل فعل لا يباح إلا مع زوجة، فكأنه لما استباحه راجعها، فيكون أقوى من اللفظ.

القول الثاني: أنها لا تحصل الرجعة بالوطء إلا بنية المراجعة؛ لأن مجرد الوطء قد يستبيحه الإنسان في امرأة أجنبية مثل الزنا، فهذا الرجل قد تكون قد ثارت شهوته عليها، أو أنه رآها متجملة وعجز أن يملك نفسه فجامعها، وما نوى الرجعة، ولا أرادها، ولا عنده نية أن يرجع لها، فعلى هذا القول لا تحصل الرجعة بالوطء إلا بنية الرجعة.

وهذا هو الصحيح، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ لأن الوطء قد يكون عن رغبة في إرجاعها فيكون نية إرجاع، وقد يكون لمجرد الوطء والشهوة فلا يدل على الإرجاع. " انتهى من "الشرح الممتع" (13 / 189).

فإذا كان الجماع لا يعد رجعة إلا مع النية ، فالتقبيل والضم من باب أولى .

وراجع لمزيد الفائدة الأجوبة رقم : (23269)، ورقم (101702).

ثانيا:

وإذا كان لا يعدّ رجعة، فهل يباح هذا التصرف؟

هذه مسألة محل خلاف بين أهل العلم.

ويتبيّن من تفاصيل هذا الخلاف، أن من أباح ذلك، أباحه لأنه تتم به الرجعة ولو بدون نية، كما هو مذهب الحنفية.

وكذا المشهور في مذهب الإمام أحمد في الرجعة بالجماع، ولو لم ينو، ومقدمات الجماع وسيلة إليه.

وأما من حرّمه؛ فلأنه لا يكون رجعة مطلقا، كما هو مذهب الشافعية، أو يشترط له النية كما هو مذهب المالكية.

قال ابن هبيرة رحمه الله تعالى :

" اتفقوا على أن للرجل أن يراجع المطلقة الرجعية.

واختلفوا هل يجوز وطىء الرجعية أم لا؟

فقال أحمد في أظهر الروايتين عنه وأبو حنيفة: ليس بمحرم.

وقال مالك والشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: هو محرم.

واختلفوا في الوطء في الطلاق الرجعي: هل يصير مراجعا بنفس الوطء؟

فقال أبو حنيفة وأحمد في أظهر الروايتين: يصير مراجعا، ولا يفتقر معه إلى قول سواء نوى به الرجعة أو لم ينوها.

وقال مالك: إن نوى الرجعة كان رجعة.

وقال الشافعي: لا تصح الرجعة إلا بالقول... " انتهى من " اختلاف الأئمة العلماء " (2 / 181).

قال أبو الوليد الباجي رحمه الله تعالى:

" وقد اختلف قول مالك في دخول المطلق على الزوجة الرجعية .

ففي المدونة، قال مالك أولا ، في المطلقة الرجعية: لا بأس أن يدخل عليها مطلقا ، ويأكل معها، إذا كان معها من يتحفظ بها.

وقد زاد على هذا أبو حنيفة لا بأس أن تتزين له، وأن تتطيب.

ثم قال مالك: لا يدخل عليها ، ولا يرى شعرها ، ولا يأكل معها حتى يراجعها. وهذا الذي رواه ابن القاسم عن مالك في "العتبية": أنه لا يدخل عليها بإذن ولا بغير إذن. وبه قال الشافعي والأوزاعي.

وجه القول الأول: أنها لم تحرم عليه، وكان يجب على هذا الأصل أن يكون الاستمتاع بها رجعة، وإن لم ينو ذلك، وإلا وقع النظر إليها، والالتذاذ بها ممنوعا محظورا.

ووجه القول الثاني: أنها قد حرم عليه الاستمتاع بها، والتلذذ بشيء منها، فلا يجوز له النظر إليها؛ لأن الطلاق قد أفاد تحريم ذلك، وإلا لم يكن له تأثير كالبائن، وإنما له فيها الرجعة، وازالة التحريم بالرد إلى الزوجية " انتهى من "المنتقى" (4 / 103).

وقال السعدي رحمه الله :

"فإن قصد بالوطء الرجعة : صارت رجعة ، وصار الوطء مباحا .

وإن لم يقصد به الرجعة: فعلى المذهب تحصل به الرجعة .

وعلى الصحيح : لا تحصل به رجعة ، فعليه : يكون الوطء محرما" انتهى من "الإرشاد إلى معرفة الأحكام".

وبناء على هذا؛ فالقول الذي يتوافق مع ترجيح اشترط النية لصحة الرجعة؛ هو أن المطلق منهي عن الاستمتاع بمطلقته ، فإن أراد الاستمتاع بها فليراجعها أولا .

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب