ما حكم الجوائز التي تقدمها إدارة الملاهي للأطفال؟

الحمد لله.

أولا :

الأصل في الألعاب التي يلعب بها الأطفال أنها مباحة ، لا يحرم منها شيء إلا إذا دلت الأدلة الشرعية على تحريمه .

إلا أن الكثير من هذه الألعاب يشتمل على أضرار عقائدية وأخلاقية ونفسية وصحية ، سبق بيان بعضها في جواب السؤال رقم: (2898) فلينظر للأهمية .

ثانيا :

البطاقات التي يحصل عليها اللاعب، ثم يستبدلها بلعبة أو بغيرها لا تخرج عن حالتين :

الأولى : أن تكون قيمة تلك اللعبة يسيرة ، بحيث لا تكون مقصودة للاعب عند بداية اشتراكه في اللعب، ويكون المال الذي دفعه في البداية لشراء العملات الخاصة بالمكان، هو الأجرة المعقولة المعتادة للألعاب التي سيلعبها في هذا المكان.

الحال الثانية : أن تكون لهذه الهدايا قيمة لدى اللاعب، وهي جزء من مقصوده من اللعب، فإنه يقصد الترفيه عن نفسه باللعب ، والحصول على هذه اللعبة أو الملصقات .

ففي الحالة الثانية يحرم المشاركة في هذه اللعب ، لما فيها من الغرر (أي: الجهالة) والميسر ، فالمشارك في اللعبة يشارك فيها من أجل الحصول على هذه البطاقات ، ثم قد تكون كثيرة، وقد تكون قليلة ، وهذا غرر يفسد المعاملة ويجعلها حراما .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " (15/ 210): " كثرت في الأسواق بضاعة تسمى: (شختك بختك)، أي: شيء مجهول تشتريه بنقود داخل علبة أو كيس، فمرة يكون ما فيه تافها وبالعكس.

الجواب: لعبة (شختك بختك) لا تجوز؛ لما فيها من الغرر، ولدخولها في عموم أدلة الميسر، وهو محرم" انتهى .

الشيخ عبد الله بن قعود ... الشيخ عبد الله بن غديان ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز.

أما في الحالة الأولى فيجوز المشاركة فيها ، لأن الغرر فيها يسير غير مقصود للاعب، فهو يقصد الترفيه عن نفسه باللعب، ثم لا يبالي إن حصل على البطاقات أم لا.

روى مسلم (1513) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الْغَرَرِ" .

قال النووي في "شرح مسلم" :

"وَأَمَّا النَّهْي عَنْ بَيْع الْغَرَر فَهُوَ أَصْل عَظِيم مِنْ أُصُول كِتَاب الْبُيُوع , وَيَدْخُل فِيهِ مَسَائِل كَثِيرَة غَيْر مُنْحَصِرَة ، كبَيْعِ الْمَعْدُوم وَالْمَجْهُول وَبَيْع الْحَمْل فِي الْبَطْن , وَكُلّ هَذَا بَيْعه بَاطِل لأَنَّهُ غَرَر مِنْ غَيْر حَاجَة .

وَقَدْ يُحْتَمَلُ بَعْضُ الْغَرَر بَيْعًا، إِذَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَة؛ كَالْجَهْلِ بِأَسَاسِ الدَّار، وَكَمَا إِذَا بَاعَ الشَّاة الْحَامِل، وَاَلَّتِي فِي ضَرْعهَا لَبَن؛ فَإِنَّهُ يَصِحّ اِلْبَيْعِ .

وَكَذَلِكَ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى جَوَاز أَشْيَاء فِيهَا غَرَر حَقِير , مِنْهَا أَنَّهُمْ أَجْمَعُوا عَلَى صِحَّة بَيْع الْجُبَّة الْمَحْشُوَّة وَإِنْ لَمْ يُرَ حَشْوهَا , وَلَوْ بِيعَ حَشْوهَا بِانْفِرَادِهِ لَمْ يَجُزْ .

وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز إِجَارَة الدَّار وَالدَّابَّة وَالثَّوْب وَنَحْو ذَلِكَ شَهْرًا، مَعَ أَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون ثَلاثِينَ يَوْمًا وَقَدْ يَكُون تِسْعَة وَعِشْرِينَ .

وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز دُخُول الْحَمَّام بِالأُجْرَةِ، مَعَ اِخْتِلاف النَّاس فِي اِسْتِعْمَالهمْ الْمَاء، وَفِي قَدْر مُكْثهمْ.

وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَاز الشُّرْب مِنْ السِّقَاء بِالْعِوَضِ، مَعَ جَهَالَة قَدْر الْمَشْرُوب، وَاخْتِلَاف عَادَة الشَّارِبِينَ" انتهى باختصار.

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (31/151) :

"يشترط في الغرر حتى يكون مؤثراً أن يكون كثيرا .

أما إذا كان الغرر يسيرا؛ فإنه لا تأثير له على العقد . قال القرافي : الغرر والجهالة - أي في البيع - ثلاثة أقسام : كثير ممتنع إجماعا، كالطير في الهواء، وقليل جائز إجماعا، كأساس الدار وقطن الجبة، ومتوسط اختلف فيه، هل يلحق بالأول أم بالثاني؟

وقال ابن رشد الحفيد : الفقهاء متفقون على أن الغرر الكثير في المبيعات لا يجوز، وأن القليل يجوز " انتهى .

والله أعلم .