الاثنين 24 جمادى الأولى 1446 - 25 نوفمبر 2024
العربية

حول معنى ما جاء في الأثر المروي عن ابن عباس :" ودميتها في الشهر مرتين ".

309817

تاريخ النشر : 29-07-2019

المشاهدات : 16924

السؤال

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ النَّاقِدُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْعَوَّامِ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ : مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَعْصِيَنِي ؟ قَالَ : رَبِّ ، زَيَّنَتْهُ لِي حَوَّاءُ ، قَالَ : فَإِنِّي أَعْقَبْتُهَا أَنْ لا تَحْمِلَ إِلا كُرْهًا ، وَلا تَضَعُ إِلا كُرْهًا ، وَدَمَيْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ . فَلَمَّا سَمِعَتْ حَوَّاءُ ذَلِكَ رَنَّتْ ، فَقَالَ : عَلَيْكِ الرَّنَّةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ " ما صحة هذا الحديث؟ و مالمقصود ب (ودميتها في الشهر مرتين) ؛ لأن اآن فترة الدورة مرة في الشهر ، فهل الأمر كان يختلف مع حواء والأزمان السابقة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

أخرجه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (307) ، وأحمد بن منيع في "مسنده" كما في "المطالب العالية" (215) ، وابن المنذر في "الأوسط" (779) ، وأبو الشيخ في "العظمة" (5/1583) ، والحاكم في "المستدرك" (3437) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (5407) ، جميعا من طريق عباد بن العوام ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: " لَمَّا أَكَلَ آدَمُ مِنَ الشَّجَرَةِ الَّتِي نُهِيَ عَنْهَا قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ عَصَيْتَنِي؟ قَالَ: رَبِّ زَيَّنَتْهُ لِي حَوَّاءُ . قَالَ: فَإِنِّي أَعْقَبْتُهَا أَنْ لَا تَحْمِلَ إِلَّا كُرْهًا ، وَلَا تَضَعَ إِلَّا كُرْهًا . وَدَمَّيْتُهَا فِي الشَّهْرِ مَرَّتَيْنِ . فَلَمَّا سَمِعَتْ حَوَّاءُ ذَلِكَ رَنَّتْ . فَقَالَ لَهَا: عَلَيْكِ الرَّنَةُ وَعَلَى بَنَاتِكِ ".

وإسناده صحيح إلى ابن عباس رضي الله عنهما .

قال ابن حجر في "المطالب العالية" (215) :" هذا موقوف صحيح الإسناد ". انتهى

إلا أن في النفس منه شيئا ، فإن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان ممن أخذ عن كعب الأحبار ، وهو ينقل عن بني إسرائيل ، فيُخشى أن يكون ذلك مما أخذه عن كعب الأحبار .

والحافظ ابن كثير قد نقل عدة آثار عن ابن عباس رضي الله عنهما ، إلا أنه توقف في الاحتجاج بها لأجل هذه العلة .

قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/21) :" وَهُوَ مَحْمُولٌ إِنْ صَحَّ نَقْلُهُ عَنْهُ على أنه أخذه ابن عباس رضى الله عنه عَنِ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ " انتهى .

وقال ابن كثير أيضا في "تفسير القرآن العظيم" (5/293) :" أخرجه أبو جعفر بن جرير ، وابن أبي حاتم في تفسيريهما ، كلهم من حديث يزيد بن هارون به . وهو موقوف من كلام ابن عباس ، وليس فيه مرفوع إلا قليل منه ، وكأنه تلقاه ابن عباس ، رضي الله عنه مما أبيح نقله من الإسرائيليات عن كعب الأحبار أوغيره " انتهى.

وقال في "تفسيره" أيضا (7/69) :" إسناده إلى ابن عباس قوي ، ولكن الظاهر أنه إنما تلقاه ابن عباس - إن صح عنه - من أهل الكتاب "  انتهى.

وقد نص ابن الصلاح في مقدمته "علوم الحديث" (ص182) ، أن العبادلة ممن رووا عن كعب الأحبار .

وقال شيخ الإسلام في "الرد على البكري" (2/581) :" فلما رخص في الحديث عن بني إسرائيل استجاز ذلك عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس ". انتهى.

وقد سبق بيان ذلك أيضا في جواب السؤال رقم : (290591) .

ثانيا:

مما يقوي أن هذا الأثر لا يصح مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ويرجح جانب تلقيه عن بني إسرائيل: أن قوله فيه : ( ودميتها في الشهر مرتين ) : مخالف لعادة النساء الغالبة أنها تحيض في الشهر مرة واحدة .

وقال البغوي في "التهذيب في فقه الشافعي" (6/238) :" والغالب من عادات النساء أنهن يحضن في كل شهر مرة ". انتهى.

وقال ابن نجيم في "البحر الرائق" (1/223) :" الْغَالِبُ أَنَّ النِّسَاءَ تَحِيضُ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً ". انتهى

وليس معنى ذلك انتفاء أن تحيض المرأة أكثر من مرة في الشهر ، بل قد تحيض المرأة ثلاث حيض في الشهر ، إلا أن هذا نادر .

فقد بوب الإمام البخاري في "صحيحه" فقال :" باب إذا حاضت في شهر ثلاث حيض ".

وقال ابن رجب في "فتح الباري" (2/145) :" وأما ما ذكره البخاري عَن عطاء والنخعي: فروى ابن المبارك ، عَن ابن لهيعة ، عَن خالد بنِ يزيد ، عَن عطاء في امرأة طلقت ، فتتابعت لها ثلاث حيض في شهر: هل حلت ؟ قالَ: أقراؤها ما كانت .

وروي نحوه عَن النخعي ، كَما حكاه البخاري ، وحكاه عَنهُ إسحاق بن راهويه .

فهؤلاء كلهم يقولون: إن المرأة قَد تنقضي عدتها بثلاثة أقراء في شهر واحد ، وَهوَ قول كثير مِن العلماء، مِنهُم: مالك ، وأحمد ، وإسحاق وغيرهم ". انتهى.

لذا : فنرى أنه مع صحة الإسناد إلى عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، إلا أنه لا يأخذ حكم المرفوع ، لاحتمال أن يكون أخذه عن كعب الأحبار.

ولمزيد إيضاح حول معنى ما جاء في الأثر من قوله :" زينته لي حواء ". يمكن مراجعة جواب السؤال رقم : (275776) .

والله أعلم .

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب