الأربعاء 24 جمادى الآخرة 1446 - 25 ديسمبر 2024
العربية

انتزعت امرأة ثيابا من ابنتها وأعطتها لغيرها فهل تقبلها منها ؟

314491

تاريخ النشر : 22-10-2019

المشاهدات : 2455

السؤال

حول التصرف في ملابس أهديت إلي ، وقالت لي أمي : إن من أعطتها تلك الملابس هي أم أخدت ملابس ابنتها خفية ؛ بنية أن تنزعها منها ـ لا أدري ما سبب ذلك ـ فأحسست بتأنيب الضمير ، كون أن الملابس أعطيت لي دون إذن مالكتها ، بغض النظر عن سبب إتخاد ذلك القرار من طرف أمها ، فهل يجوز لي أن ألبسها بضمير مرتاح ؟ أم علي أن أرجعها ؟ أم ماذا أفعل ؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

انتزاع الأم الثياب من ابنتها يحتمل الجواز عدمه.

فمن صور الجواز:

1- أن تكون هذه الثياب هدية منها إلى ابنتها، ثم ظهر لها ما يدعوها لاسترجاعها، فذهبت طائفة من أهل العلم إلى أنه يجوز لها ذلك، مستدلين بحديث طَاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:   لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا ، إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ  رواه أبو داود (3539) ، والترمذي (2132) وقال: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَحِلُّ لِمَنْ وَهَبَ هِبَةً أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا ، إِلَّا الوَالِدَ ؛ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا أَعْطَى وَلَدَهُ وَاحْتَجَّ بِهَذَا الحَدِيثِ"، وصححه الألباني في "صحيح سنن أبي داود".

والأم أحد الوالدين.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (42 / 147 - 148):

" اختلف الفقهاء في جواز رجوع الواهب في هبته بعد قبض الموهوب له الشيء الموهوب ، ولهم في ذلك أقوال :

الأول: عدم جواز الرجوع ، إلا لأب فيما وهب ولده. وهذا مذهب المالكية والحنابلة في المذهب، ومقابل المشهور عند الشافعية، وفي المشهور عندهم يلحق سائر الأصول بالأب في جواز الرجوع.

وألحق المالكية الأم بالأب، بشرط أن يكون الابن غير يتيم، وظاهر كلام الخرقي أن الأم كالأب في الرجوع مطلقا " انتهى.

2-أن تكون الأم قد خصّت هذه البنت بهذه الثياب هدية دون أخواتها، فاسترجعتها اجتنابا لعدم العدل في الهدية، لحديث النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ: " أَنَّ أَبَاهُ أَتَى بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنِّي نَحَلْتُ ابْنِي هَذَا غُلاَمًا، فَقَالَ:  أَكُلَّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مِثْلَهُ؟   قَالَ: لاَ، قَالَ : فَارْجِعْهُ رواه البخاري (2586) ، ومسلم (1623).

3-أن يكون الثوب غير مناسب لهذه البنت ، لسبب ما ، وهي تصر على لبسه ، وأمها تكره ذلك، فتأخذه منها بإذن أبيها.

ومن صور المنع:

أن تكون الثياب من مال الأب ، أو من مال البنت ، والأم لا تحتاجها لنفسها، كما في هذه الحالة ، أو تحتاجها لكن أخذها يضر بالبنت لعدم وجود غيرها.

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (45 / 202):

" ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوالد لا يأخذ من مال ولده شيئا إلا إذا احتاج إليه...

وذهب الحنابلة إلى أن للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء ، ويتملكه ، مع حاجة الأب إلى ما يأخذه ، ومع عدمها، صغيرا كان الولد أو كبيرا ، بشرطين:

أحدهما: أن لا يجحف بالابن ولا يضر به، ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته... " انتهى.

وما دام تصرف الأم يحتمل الجواز وعدمه، فلك قبول ما جاءك، ولا يلزمك السؤال؛ لأن الأصل حمل تصرف المسلم على الصحة.

ذكر ابن مفلح في "الفروع" (1/427) في آداب الاستئذان : أن صاحب المنزل إذا أذن للضيف بالجلوس في مكانٍ ما ، وكان هذا خلاف عادة صاحب المنزل ، قال ابن مفلح : " وافقه ، إن ظن ذلك منه ظاهرا وباطنا ، وكذا إن شك ، حملًا لحال المكلف على الصحة والسلامة" انتهى.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب