السبت 22 جمادى الأولى 1446 - 23 نوفمبر 2024
العربية

أرسل قرضا بالريال واستلم بالدولار فبأي عملة يرجع القرض؟ ومن يتحمل تكاليف الإرسال؟

315372

تاريخ النشر : 07-04-2020

المشاهدات : 3499

السؤال

أرسلت لصديقي قرضا دفعته بالريال عبر تحويل بنكي، وقد وصل لحسابه بالدولار، فهل يكون السداد بالريال الذى دفعته أم بالدولار الذى وصل له.؟ ومن يتحمل رسوم التحويل؟

الجواب

الحمد لله.

أولا:

الواجب في رد القرض، أن يرد المستقرض مثل ما أعطاه المقرض.

قال ابن حزم رحمه الله تعالى:

" واتفقوا على وجوب رد مثل الشيء المستقرض " انتهى من "مراتب الإجماع" (ص 94).

ولمعرفة الشيء المستقرض وماهية العملة التي تم بها القرض؛ يرجع إلى صيغة الاقتراض؛ فهي الأساس الذي ينبني عليه عقد القرض؛ وهو المرجع في معرفة الالتزمات الواجبة على المقترض، من قيمة وعملة ومدة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

" الأصل: في العقود رضى المتعاقدين ، ونتيجتها هو ما أوجباه على أنفسهما بالتعاقد " انتهى من"الفتاوى الكبرى" (4 / 93).

وبناء على هذا، هناك احتمالان:

الاحتمال الأول:

هو أن يكون قد طلب منك أن تقرضه مبلغا معينا من الريالات؛ كأن قال لك: أقرضني ألف ريال مثلا؛ فالقرض الثابت في ذمة المقترض هو بعملة الريال.

وتحويلها إلى الدولار؛ إما أن يكون بتوكيل لفظي منه، وإما بتوكيل عرفي؛ بأن كان في بلد لا يمكن وصول الحوالة فيه بالريالات ، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية، فإن من يريد أن يرسل حوالة إلى خارج المملكة، سوف يتم صرف الريالات التي يحولها إلى دولارات، وتحويلها إلى الخارج بالعملة الأجنبية، ولا تقبل المصارف ونحوها من الشركات، تحويل المبلغ بالعملة المحلية كما هو "ريالات" ؛ بل لا بد من تحويلها إلى عملة ذلك البلد أو إلى عملة عالمية كالدولار كما في مسألتك؛ فتكون هذه الوكالة في التحويل ثابتة بالإذن العرفي.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:

"وقد استقرت قواعد الشرع على أن الإذن العرفي كاللفظي" انتهى من "مدارج السالكين" (2 / 1019).

والاحتمال الثاني:

أن يكون طلب قيمة القرض بالدولار؛ كأن يكون مثلا؛ قال لك: أقرضني مائة دولار. فبالرجوع إلى صيغة العقد هذه يكون القرض الثابت في ذمة المقترض هو بعملة الدولار؛ تمسكا بصيغة العقد.

وعلى هذا، فتكون أنت إنما أقرضته الدولارات التي حولتها له، بغض النظر عن قيمتها بالريال، ويكون الثابت في ذمته لك هو المبلغ الذي حولته إليه فعلا "بالدولار"، ولا علاقة له بقيمة العملة وصرفها عند التحويل إليه، لأنه إنما استلم دولارات، وثبت لك في ذمته دولارات.

ثانيا:

هذا بخصوص ما هو ثابت في ذمة المقترض؛ لكن لا يشترط عند الوفاء، أن يرجع إليك القرض بنفس العملة التي اتفقتما عليها، على التفصيل السابق، وإن كان هذا هو الأصل، وهو الأحسن، بل يجوز أن يرد إليك قيمة القرض بأي عملة تتفقان عليها عند الوفاء، إذا كان ذلك بسعر صرف العملتين، عند قضاء الدين، وليس بسعر يوم القرض، ولا بسعر متفق عليه من قبل.

سُئلت "اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء":

" تسلفت دراهم من إنسان (عملة فرنسية) على أن أرجعها له في فرنسا، ولكن لما جاء إلى الجزائر طلب مني أن أعطيه دراهم جزائرية بالزيادة. ما الحكم في ذلك؟

فأجابت اللجنة: يجوز أن تسددها له في الجزائر بمثلها عملة فرنسية ، أو بقدر صرفها يوم السداد من العملة الجزائرية، مع القبض قبل التفرق.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عبد الله بن قعود ، عبد الله بن غديان ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14 / 143).

وسُئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

" اقترضت من صديق مبلغا من المال، بالدولار هل يجوز سداد هذا المبلغ بما يساويه من عملة أخرى، كالريال اليمني مثلاً أو الجنيه؟

فأجاب: نعم ، لا بأس من كون الإنسان اقترض عملة، ويسددها بعملة أخرى بالتراضي، إذا رضي صاحب العملة الأولى أن يأخذ عنها عملة أخرى، فلا حرج في ذلك، يدا بيد من غير تأخير، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه قيل له: يا رسول الله! إنا نبيع بالدراهم ونتقاضى عنها الدنانير، فقال عليه الصلاة والسلام: ( لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ، ما لم تفترقا وبينكما شيء )، فإذا اقترضت مثلاً مائة دولار، وأعطيت صاحبها عنها عملة أخرى، كالريال السعودي أو اليمني أو الدينار الأردني أو العراقي، يدا بيد بحسب القيمة، فلا بأس بذلك...

وهكذا لو باع عليك سيارة بعشرة آلاف دولار، ثم أعطيته عنها ما يقابلها بالدنانير، أو الريال السعودي أو اليمني أو ما أشبه ذلك، من العُمَل الأخرى فلا بأس لكن بشرط التقابض في المجلس، وألاّ تتفرقا وبينكما شيء، وأن تعطيه إياها بسعر يومها، حين المعاوضة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (19 / 183).

وللفائدة طالع لجواب السؤال رقم : (224138)، ورقم: (99642).

ثالثا:

مؤونة إرسال القرض ورسومه دفعا واستلاما، يتحملها المستقرض؛ لأمرين:

الأمر الأول: أن المقترض هو الطالب لتحويل هذا المبلغ؛ فهذا التحويل بأمره؛ فهو المتكفل بأتعابه، أما المقرض فهو مجرد وكيل عنه في عملية التحويل هذه.

الأمر الثاني: أنه هو المنتفع، ولأن المقرض محسن فلا يعاقب في ماله.

قال الله تعالى:  مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ  التوبة/91.

قال القرطبي رحمه الله تعالى:

" ( مِنْ سَبِيلٍ ) في موضع رفع اسم (مَا) أي: من طريق إلى العقوبة.

وهذه الآية أصل في رفع العقاب عن كلّ محسن " انتهى من "تفسير القرطبي" (10 / 333).

قال الدسوقي المالكي في حاشيته على "الشرح الكبير على مختصر خليل":

" ( فمن اقترض إردبا مثلا، فأجرة كيله على المقترض، وإذا رده فأجرة كيله عليه؛ بلا نزاع ).

(قوله فأجرة كيله على المقترض) أي لا على المقرض؛ لأنه فعل معروفا، وفاعل المعروف لا يَغرم " انتهى من "حاشية الدسوقي على الشرح الكبير" (3 / 145).

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرحه "زاد المستقنع":

" قوله: ( مؤونة ردها – أي العارية-) أي: تكلفة ردها إلى صاحبها، فإذا قدرنا أن العارية تحتاج إلى تحميل؛ لأنها أوانٍ كثيرة، وتحتاج إلى رفق وتأنٍ؛ لأنها تتكسر، ومثل هذه تحتاج إلى تكلفة بيِّنة، فهل المؤونة على المستعير أو على المعير؟ نقول: هي على المستعير والدليل:

أولاً: قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: ( على اليد ما أخذت حتى تؤديه ) فكل ما يلزم من رد هذه العين فإنه على المستعير.

ثانياً: أن المستعير قبضها لحظ نفسه المحض، فكان عليه في مقابلة هذه المصلحة تحمل نفقة الرد.

ثالثاً: أن المعير محسن، وقد قال الله تعالى: ( مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ).

رابعاً: أننا إذا ألزمنا المعير بمؤونة الرد كان في هذا سد لباب العارية " انتهى من "الشرح الممتع" (10 / 124 - 125).

وما يقال في الإعارة يقال في القرض فالعلة واحدة.

وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي في دورة مؤتمره الثالث سنة 1407 هـ:

"بخصوص أجور خدمات القروض في البنك الإِسلامي للتنمية:

قرر مجلس المجمع اعتماد المبادئ التالية:

1 - جواز أخذ أجور عن خدمات القروض.

2 - أن يكون ذلك في حدود النفقات الفعلية.

3 - كل زيادة على الخدمات الفعلية محرمة؛ لأنها من الربا المحرم شرعاً " انتهى من "مجلة مجمع الفقه الإسلامي" (3 / 1 / 305).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب